يعد موضوع التجميل من الموضوعات التي نالت اهتمام المصادر الإسلامية باختلاف تخصصاتها بوجه عام والمصادر الأندلسية بشکل خاص, وهو أمر ليس بالغريب على الأندلس و لا على أهل الأندلس, فقد اتصفت بلاد الأندلس في کتب الرحالة بالجمال، و وصفت أيضاً بمرادفات مختلفة تدل على هذا المعنى, فکان الشعراء يصفونها بالفردوس, کذلک تغنى البعض منهم بجمال أهلها, کل هذا کان له تأثيره في الاهتمام بالتجمل والزينة وما يتطلبه هذا الأمر من مواد وأدوات, فإذا کانت البيئة الأندلسية حباها الله سبحانه و تعالى بجمال الطبيعة, و ميز أهلها بالمعرفة في العلم و العمارة و الفنون, فلا ريب أن ينعکس هذا الجمال الطبيعي والتقدم العلمي على شکل وشخصية المجتمع الأندلسي في مجال الاهتمام بالجمال بشکل عام و بالتجميل بشکل خاص.
و لقد أوردت المصادر الأندلسية إشارات شتى لمواد التجميل وخاصة في کل من کتب الطب و الکيمياء والنبات و في کتب الحسبة أيضاً حيث تناولها کل منها من وجهة نظر مختلفة, فحينما ذکرت في کتب الطب والکيمياء و النبات, وردت في صورة علاج لخلل أو اعوجاج في الشکل مما يتطلب خبير في خصائص المواد الطبيعية, بينما کان ورودها في کتب الحسبة من باب الاستشکال في جودة المستحضرات وسوء استغلالها من قبل بعض الباعة.
واحتفظت المتاحف بمجموعة من الأدوات و المعدات المعدنية والعاجية والزجاجية التي استخدمت في مجال التجميل و أوضحت کيفية استخدام أهل الأندلس لمواد التجميل، کما أظهرت جانب من جوانب الحضارة الإسلامية بالأندلس .
إن الهدف من دراسة هذا الموضوع يکمن في رصد شکل أدوات الزينة واستخداماتها، وعناصرها الزخرفية في بلاد الأندلس, و مدى التطور الحضاري الذي أحرزته بلاد الأندلس في هذا المجال, کذلک إيضاح ما تأثرت به الأندلس من بلاد المشرق و ما أثرت به بلاد الأندلس على المشرق و الممالک الأسبانية المجاورة.