Subjects
-Tags
-Abstract
عاش اليهود لفترة طويلة من الزمن في حالة من الشتات، وأثبتت الدراسات التاريخية المحايدة أنه کان شتاتاً اختيارياً،بدليل أن فلسطين ظلت مفتوحة أمامهم عبر التاريخ دون أية قيود على دخولها أو الإقامة فيها، ولکنهم کانوا يفضلون دائما الإقامة خارجها، ويکتفون بالتعبير عن أشواقهم إليها وإلى أورشليم، ويبکون على خرابها في صلواتهم، ويتبادلون الأمنيات في المناسبات والأعياد الدينية،بأمل "اللقاء العام القادم في أورشليم"،وذلک دون أن يحرکوا ساکناً لتحويل هذه الأمنية إلى واقع،لأنهم کانوا في غنى عن التفکير في هذا التوجه في ظل إقامتهم الهادئة بين سائر الشعوب في أرجاء العالم کافة،حتى وإن قطع هذا الهدوء حدث اضطهادي ضدهم هنا أو هناک.
ومن هنا ظلت فکرة هجرة اليهودي إلى فلسطين مجرد حالة ارتبطت عند بعض من أقدم عليها على مجرد نوازع دينية وصوفية للإقامة بجوار الأماکن الدينية في أرض فلسطين. وبالرغم من أن بعض رجال الدين اليهود قد حاول استغلال وجود عقيدة "المسيح المخلص" کجزء من الأرکان الأساسية للعقيدة اليهودية،ودعا اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين بدعوى أنهم هم "المسحاء المخلّصون"،فإن هذه المحاولات کلها،والتي بدأت منذ القرن الأول الميلادي على يد برکوخبا وامتدت حتى شبتاى بن تسڤي في القرن السابع عشر الميلادي باءت کلها بالفشل الذريع،وأصبح هؤلاء يعرفون باسم "المسحاء الکاذبون".
واعتبارا من القرن الثامن عشر الميلادي،انتقل مرکز الأحداث إلى أوروبا حيث ظهرت حرکة التنوير اليهودية (الهسکالاه) بتأثير من حرکة التنوير الأوروبية. وبالرغم من أن حرکة التنوير اليهودية قد أحدثت تغييراً جوهرياً في غرب أوروبا أدى إلى إحداث موجة من الاندماج ترتب عليها انحسار البعد القومي في الديانة اليهودية؛ فإن الأمر لم يتحقق على المستوى نفسه بالنسبة لليهود في شرق أوروبا لأسباب کثيرة،مما أدى إلى قيام بعض اليهود،وخاصة من رجال الدين،بطرح فکرة إمکانية أن يکون لليهود وطن قومي خاص بهم في فلسطين بعيدا عن المجتمعات والأوطان التي کانوا يعيشون فيها في ذلک الوقت خلال القرن الثامن عشر الميلادي،وذلک استنادا إلى عقيدة "المسيح المخلص"، و "الارض الموعودة" بعد إلباس فکرة الخلاص ثوبا جديدا لا يتصل بشخص المسيح المنتظر.
ونتيجة لفشل حرکة الهسکالاه في شرق أوروبا في تحقيق أهداف العتق لليهود على النحو الذي حدث في غرب أوروبا،وظهور القوميات في أرجاء أوروبا، وما ترتب عليها من رغبة في التخلص من اليهود کجنس غريب عن أبناء هذه القوميات،مقرونة ببعض مظاهر ما عرف باسم "معاداة السامية" کرد فعل للنمو الرأسمالي في أوروبا،وخشية عناصر يهودية من الآثار التي يمکن أن تترتب على تفاقم الاندماج اليهودي،في الشعوب التي يعيشون بينها،نتيجة لهذا کله وغيره من العوامل، أصبحت الصهيونية هي الطرح الأکثر قبولا لدى قطاعات واسعة من اليهود.
لقد قامت الصهيونية اذا على أسس ودعائم دينية دعت وروجت لها ـ بعد فشل التيارات الصهيونية الاخرى فى اقناع جموع اليهود بالعودة ـ کان من اهمها فکرة ارض الميعاد حيث رأت الصهيونية فى مرحلة متقدمة من قيامها ضرورة العودة لأرض الميعاد وانشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين بعد ان کان هرتسل ـ أحد منظرى الصهيونية السياسية ـ قد طرح فى المؤتمر الصهيونى السادس ان يکون الوطن القومى اليهودى فى اوعندا ودافع عن الفکرة الى ان صدّق المؤتمر على ذلک وارسل وفدا لمتابعة الامر على الطبيعة.
هکذا توجهت الصهيونية لمخاطبة وجدان جموع اليهود والعزف على اوتار الدين والحنين للماضى واعادة اقامة الوطن القومى اليهودي معتبرين فى ذلک ان فلسطين او ارض کنعان کانت الوطن القومى والدينى لليهود عبر التاريخ، حينما لم تجد الدعوى متحمسين من بين اليهود للتخلى عن اوطانهم والاستعداد للتغرب فى بلد جديد تحت مزاعم لا أساس لها سوى فى مخيلاتهم.
وطبقا لهذه الرؤية الصهيونية نجده طبيعياً ان ينتفض رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتانياهو ردا على مؤتمر القدس فى الدوحة فبراير 2012م معبراً عن غضبه من تصريحات ابو مازن رئيس السلطة الفلسطينية متهما اياه بالکذب والتضليل حيث قال: "ان القدس هى العاصمة الأبدية للشعب اليهودى منذ آلاف السنين "מזהאלפישניםירושליםהיאבירתוהנצחיתשלהעםהיהודי"
وبناء عليه وجدنا انه من واجبنا کباحثين عرب ان نميط اللثام عن طبيعة هذه الفکرة ومدى وجود هذه العلاقة التاريخية بين ارض کنعان والجماعة اليهودية وقوتها ومدى مصداقيتها.
ولا شک انه نتيجة عدم تعدد او تنوع مصادر تاريخ الجماعة اليهودية القديم وانحسارها فى مصدر وحيد هو العهد القديم ، وجدنا لزاما علينا تتبع مفهوم الارض الموعودة فى ثنايا العهد القديم کي نتعرف على طبيعة العلاقة بين ارض کنعان او الارض الموعودة والجماعة اليهودية عبر مراحل التاريخ القديم منذ توجه ابراهيم عليه السلام اليها مرورا باسحق ويعقوب ويوسف وموسى فى مصر ثم العودة لارض کنعان مع يشوع بن نون مرورا بفترة القضاة ثم الملکية والانقسام لمملکتين شمالية وجنوبية ثم التهجير لکل من اشور وبابل والعودة لارض کنعان.
وبناء عليه يدرس الباحث فکرة الوطن الصهيونى القومى على ارض الميعاد. کما قدمتها الصهيونية محللا الفکرة وآليات التنفيذ من خلال الحقائق التى اعتمدتها الصهيونية ومنظورها سواء فى الماضى المنحسر فى العهد القديم او فى الحاضر المنحسر فى الدعوة وآلياتها وأساليب التنفيذ والاستيلاء على ارض فلسطين لتبيان مدى المصداقية التى اعتمدتها الصهيونية فى اقامة الدولة، فهل کانت الفکرة الصهيونية مجرد بناء هش على انقاض الشعب الفلسطينى؟
من هنا يدرس الباحث هذه الفکرة من خلال محورين وهما
الأول: بنو اسرائيل والأرض الموعودة ـ دراسة لرؤية العهد القديم.
ثانياً: توظيف الصهيونية لفکرة الارض الموعودة کآلية للأستيلاء على فلسطين .
DOI
10.21608/cguaa.2012.33922
Authors
MiddleName
-Affiliation
أستاذ تاريخ اليهود والحضارة المساعد
جامعة عين شمس کلية الآداب قسم اللغة العبرية
Email
hany2020@hotmail.com
City
-Orcid
-Link
https://cguaa.journals.ekb.eg/article_33922.html
Detail API
https://cguaa.journals.ekb.eg/service?article_code=33922
Publication Title
حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى"
Publication Link
https://cguaa.journals.ekb.eg/
MainTitle
اشکالية العلاقة بين ارض کنعان "الارض الموعودة" والجماعة اليهودية کما قدمها العهد القديم ـ اتصال أم انفصال دراسة لتوظيف الصهيونية لفکرة الارض الموعودة کآلية للأستيلاء على فلسطين Problematic relationship between the land of Canaan "promised land" and the Jewish community as contained in the Old Testament Contact or separation Study of the use o