منذ الإرهاصات الأولى لاستقرار المصري القديم حول ضفاف النيل ومعرفته الزراعة في العصر الحجري الحديث، بدأ يُدرک قيمة الأشياء التي بين يديه؛ ومن ثم حاول إيجاد طرق للحفاظ عليها وإثبات ملکيته لها فبدأت تظهر الأختام في نهايات عصور ما قبل التاريخ برموز تُعينه في التعرف على أشيائه ومع دخوله في العصور التاريخية ومعرفته الکتابة، اتخذت تلک الأختام عبارات واضحة تُعبر عن اسم المالک أو مکان الملکية. وقد شمل هذا الأمر جُلّ ما ملکه الإنسان؛ ولما کانت الزراعة وملحقاتها هي أساس استقرار المصري القديم وأساس معرفته لأسس المدنية، لذا فقد کانت الماشية أحد أهم مقدراته الماديّة التي تساعده في أعماله الزراعية وکذلک تُعد أحد أهم رؤوس الأموال للمصري القديم، ومن ثم فلم تکن بمنئى عن محاولاته المستميتة للحفاظ عليها وإثبات ملکيته لها خاصة مع ازدياد أعدادها لديه ولدى جيرانه الأمر الذي کان يُعرضه لمشکلات عدة خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار ترکه إياها ترعى مع ماشية جيرانه مما يُؤدي إلى اختلاط الأمر عليه؛ ومن ثم لجأ إلى تمييزها بعلامات تُثبت تبعيتها له، ولما کان وضع حلية ما على رقبتها أو على أي عضو من أعضائها لا يعفيها من السرقة فقد لجأ إلى ختمها على جسدها بعلامات مميزة مثلما ختم آنيته وغيرها مما اقتناه، - ولکن هذا يخرج عن السياق العام لهذا البحث الذي يُلقي الضوء بصفة خاصة على وسم البشر في مصر القديمة وليس وسم الماشية[1] - وللختم الذي يًُختم به الماشية مسمى خاص في اللغة العربية وکذلک عند المصري القديم.
[1] - عن وسم الماشية أنظر:
A., Eggebrecht, Brandstempel, LÄ, I, 850-852;
= زينب على محمد محروس، الضرائب في مصر القديمة حتى نهاية الدولة الحديثة، رسالة ماجستير غير منشورة، کلية الآثار، جامعة القاهرة، 1986، ص 12- 20; إسلام ابراهيم عامر محمد، إحصاء الماشية في مصر القديمة حتى نهاية عصر الدولة الحديثة، رسالة دکتوراة غير منشورة، کلية الآداب، جامعة الإسکندرية، 2011، ص 201-210.