تتميز شواطئ الخليج العربي الغربية بإمکانية قيام مستوطنات فيها لعدم وجود موانع بين الساحل واليابسة، وقد أتاحت هذه الخاصية قيام عدة مراکز منذ أقدم العصور، بحيث طورت قدراتها وإمکانياتها مستفيدة من البحر وشؤونه، ومنها مستوطنات ساحلية وأخرى على الجزر المتناثرة على مقربة من الساحل، حيث کشفت عنها التنقيبات في المنطقة المحصورة ما بين حدود الکويت شمالًا وساحل دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان جنوبًا، ويعود الکثير من هذه المستوطنات إلى العصر الحجري الحديث. ولقد کشفت أعمال التنقيب والحفر الأثري بأن الإنسان في هذه المنطقة استغل وبشکل صحيح ما وفرته البيئة من إمکانيات الاستقرار، فالمستوطنات المکتشفة قرب السواحل کان قاطنوها يبنون بيوتهم بمادة قابلة للاندثار والتلف، وربما من سعف النخيل والتي تشبه ما يعرف اليوم بـالعرائش أو العرشان، ومارسوا مهنة رکوب البحر والغوص على اللؤلؤ وصيد الأسماک، أما أولئک الذين کانوا يقطنون قرب منابع المياه فقد مارسوا الزراعة مع بساطتها، کما أنهم اشتغلوا بالتجارة وبرعوا فيها فأنشئوا لها موانئ بحرية، أصبحت مرکزًا لتوزيع السلع التجارية بين جنوب بلاد الرافدين وحتى وادي السند على طول الخط التجاري البحري، ومن أشهر تلک المراکز التجارية والتي ذکرت في الکثير من النصوص السومرية والأکادية خلال فترة منتصف الألف الثالث وحتى النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد، مرکز حضارة دلمون( Dilmu )، ويعتقد عدد کبير من الباحثين جازمين بأن جزر مملکة البحرين والبر المقابل لها هي في الواقع مرکز حضارة دلمون.