اقتضت التطورات في المحاسبة والتدقيق عبر التاريخ الى زيادة في الطلب على خدمات المحاسبين والمدققين من جهة والى تعاظم دورهم ومسؤوليتهم وتعرضهم للمساءلة بشأن الأعمال الموکلة إليهم من جهة أخرى، الأمر الذي أدى الى بروز ظاهرة التعاون الجماعي بينهم لحماية أنفسهم والذي شکّل نقطة الانطلاق لحرکة التنظيم المهني لمهنتي المحاسبة والتدقيق، إذ تأسست أول منظمة مهنية في بريطانيا وهي جمعية المحاسبة بأدنبرة عام 1854م تلتها في کندا عام 1880م، ثم في فرنسا عام 1881م، وفي الولايات المتحدة عام 1882م، وألمانيا عام 1896م، وأستراليا عام 1904م، وفنلندا عام 1911م، هذا على الرغم من أن المهنة کانت موجودة في هذه الدول قبل ذلک، أما بالنسبة للمؤسسات والمنظمات ذات الصلة بمهنة التدقيق فإنها کثيرة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
ولقد رکزت هذه الورقة البحثية علي المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية- الإنتوساي (International Organization of Supreme Audit Institutions-INTOSAI) والتي تضم أجهزة الرقابة المالية العليا في دول العالم کافة ومن ضمنها الجهاز المرکزي للمحاسبات بجمهورية مصر العربية، وبيان مدي توافر أليات لتطوير قدرات الجهاز المرکزي للمحاسبات وفقاً لمبادرة الإنتوساي (IDI) لأغراض حماية المال العام ( مدخل تنظيري)، ومدى ملاءمة التشريعات التي يعمل بها الجهاز المرکزي للمحاسبات، والتي ترکز على التکوين القانوني والتشريعي والتنظيمي للجهاز المرکزي للمحاسبات وصلاحياته، واستقلالية الجهاز بما في ذلک الاستقلال الوظيفي والعملي والضمانات الدستورية والقانونية والاستقلال المالي والإداري ونطاق وأنواع الرقابة ومطابقتها للمعايير الرقابية الدولية.
واعتمدت هذه الورقة البحثية المنهج الوصفي الذي يعتمد علي الوصف والتحليل المنطقي للظاهرة البحثية محل الدراسة، وقد اقترح الباحث عدد من التوصيات والتي يمکن تفعيلها کمدخل لتطبيق معايير المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي) في الجهاز المرکزي للمحاسبات، أهمها أن الالتزام بمعايير الإنتوساي سوف يؤدي إلي تطوير فاعلية وکفاءة عمل الجهاز ووضع أسس لجودة عالية لأعمال الرقابة.