لما کانت البيئة هي وطن الإنسان ومقر إقامته معيشته التي خلقها الله سبحانه وتعالى له، وقدر فيها کل شيء تقديراً دقيقاً، بحيث تنسجم فيها حياة الإنسان مع جميع الأحياء الذين يشارکونه الحياة في هذه البيئة وکذلک کافة عناصر ومکونات البيئة الغير حية من هواء وماء وتربة(1) .
ولما کان للتقدم الصناعي والتکنولوجي الذي حدث نتيجة الثورة الصناعية، أثر کبير جداً في إحداث مشکلة التلوث البيئي کما أدى إلىإحداث ضغوط هائلة على توازن النظام البيئي ومن ثم على الموارد الطبيعية وخصوصاً الموارد غير المتجددة ؛ فقد بات التلوث يحيط بنا من کل جانب حتى في الهواء الذي نتنفسه والمياه التي نشربها والطعام الذي نأکله(2).
ورغم أن مشکلة تلوث البيئة ليست مشکلة جديدة أو طارئة بالنسبة للأرض وإنما الجديد فيها هو زيادة شدة التلوث البيئي کماً وکيفاً في عصرنا الحاضر ووصوله إلى مرحلة الأزمة الخانقة والتي دعت المفکرين والعلماء في کل العالم يدقون نواقيس الخطر ويدعون للعمل لعلاج وحماية البيئة(3).
ومن هنا يعتبر موضوع حماية البيئة والمحافظة عليها هي الشغل الشاغل للإنسان اليوم فلم يعد من المقبول القول بأن الإنسانية يجب عليها أن تعدل من سيرها للتوائم مع حتميات التطور التکنولوجي السريع بل يجب أن تکون النظرة الحالية هي أن التکنولوجيا هي التي تتمشى مع طبيعة الإنسان وتعمل في إطار يود بيئة صارمة ومن هنا کانت أهمية إيجاد علاقة متوازنة بين الإنسان والبيئة أساسها المصلحة المتبادلة التي تتيح للإنسان استمرار التعايش مع البيئة(4).
ويأتي هذا التوازن والتعايش من خلال حماية البيئة وصيانتها بالوعي بمشکلاتها وأسباب هذه المشکلات وکيف يمکن الحد منها والعمل على عدم ظهور مشکلات جديدة.
ومن هنا فالوعي البيئي ليس قضية فرد أو جهة بعينها ولکنه قضية مجتمع ومسئولية کل الجهات والمؤسسات فإذا أردنا بالفعل التصدي للمشکلات البيئية علينا تغيير سلوک الأفراد في المقام الأول(5).
ونتيجة استخدام الإنسان الخاطئ لعناصر البيئة فمن الضروري على الفرد العادي أن يدرک مدى تأثير الإنسان ليها ومدى تأثره بها فالتوعية البيئية لا تهدف فقط إلى تلقين المعلومات بقدر ما يهدف إلى تغيير السلوک(6).
من هذا المنطلق استشعر علماء البيئة ضرورة توسيع حلقة الوعي بالقضايا البيئية لتشمل الجمهور العام ولا تقتصر على المتخصصين لتحقيق مردود جماهيري مؤثر واسع النطاق في مجال حماية البيئة مما يستهدف الوعي البيئي بدفع المواطنين إلى تغيير سلوکياتهم السلبية تجاه البيئة والمشارکة بفاعلية في حل مشکلاتها والعمل على تبني رؤية تستند إلى الإحساس بالمسئولية المشترکة بين الجمهور والسلطات الرسمية(7).
وبما أن الخدمة الاجتماعية مهنة تهتم بالتفاعلات بين الإنسان ونظم المجتمع فهي تتحرک بين قطبين هما الإنسان والبيئة فالإنسان في حالة تفاعل مستمر مع البيئة ويتم ذلک التفاعل خلال قيام الإنسان بأدواره الاجتماعية وممارسته للعلاقات فيما بينهم حتى يکون هناک تبادل متوازن بين الجانبين فإنها تهدف بصفة أساسية إلى إحداث تغييرات مرغوب فيها في الأفراد والجماعات والمجتمعات لحل المشکلات الاجتماعية والوقاية منها کما أنها تهدف إلى مساعدة الأفراد والجماعات والمجتمعات لاستثمار أقصى ما لديهم من قدرات للوصول لمستويات اجتماعية لائقة تمکنهم من المحافظة على بيئتهم وحمايتها(8).
ولکي نحقق ذلک لابد أن نبدأ بالأطفال باعتبار أن الأطفال اليوم هم آباء وأمهات المستقبل وهم الذين يتقلدون المناصب الهامة التي تدير المجتمع في المستقبل ومن هنا يتضح أهمية وحجم مسئولية تنشئة الأطفال تنشئة بيئية سليمة هذا الأمر يتطلب من کافة المؤسسات المعنية بتنشئة الأطفال في مصر أن تتعاون وتسهم في تنفيذ الاستراتيجية المقترحة للتثقيف والتنشئة البيئية(9).
ولما کان تقدم المجتمعات ورقيها يقاس بمدى ما تقدمه هذه المجتمعات لأطفالها من رعاية واهتمام على أنها استثمار مستقبلي حيث أنهم هم الذين سيحملون راية هذه المجتمعات في کافة الميادين ونقل الموروثات الثقافية إلى الأجيال التالية(10).
ومؤسسات العمل الاجتماعي تقوم بدور أساسي ومهم في مختلف جوانب الرعاية للأطفال، سواء کانت وقائية، إنشائية، إنمائية، تخطيطية،تنفيذية، علاجية باستخدام طرقها المختلفة وأساليبها المتعددة ونظرياتها الخاصة والتي تعمل بأسلوب تکاملي في المؤسسات المختصة أو مع الأسرة والأجهزة الأخرى التي تعمل في مجال رعاية الأسرة والطفولة(11).
فقد اهتمت الکويت کسائر بلاد العالم برعاية هذه الفئة من الأطفال وأنشأت بعض الهيئات الأهلية الخيرية وعدداً من الملاجئ ما يطلق عليها حالياً (دور الرعاية الاجتماعية)(12).
من هذا المنطلق ترکز مشکلة الدراسة على آليات تنمية الوعي البيئي لأطفال مؤسسات الرعاية الاجتماعية بدولة الکويت.