خلق الله سبحانه بعض البشر بطبيعة تختلف عن طبيعة الجنسين: الذكر والأنثى، وهو ما يندرج في العلم الحديث تحت عنوان (اضطراب الهوية الجنسية) سواء كان هذا الاضطراب جسديا أو نفسيا، وقد فرق الفقه الإسلامي – موافقا الطب والعلم الحديث - بين (الاضطراب الجنسي الجسدي) و(الاضطراب الجنسي النفسي)، وناقش الفقهاء ما يتعلق بالهوية الجنسية واضطرابها جسديا تحت عنوان (أحكام الخنثى)، وقصدوا بالخنثى من لديه اشتباه أو غموض في الآلات الجنسية، أو من عدم هذه الآلات أصلا ، ولم يشمل كلامهم في هذه الحالة الاضطراب (النفسي) للهوية الجنسية؛ وذلك فيمن اكتملت عنده الآلات ولم تشتبه؛ كالذكر الكامل الذكورة والمرأة الكاملة الأنوثة؛ وخص الفقهاء هذا الصنف ممن لا يعاني مشكلة جسدية باسم مختلف هو ( المخنث).
وقد حرص الفقهاء- بعد تقريرهم لوجود الاضطراب الجنسي الجسدي - على وجوب الكشف عن حقيقة (الخنثى)، باعتبار العلامات الجنسية الظاهرة في تمييز الذكر من الأنثى.
ومع ظهور التحليل الباثولوجي للأنسجة وفحص الغدد التناسلية الداخلية والكروموزومات والجينات؛ رأى الفقهاء بناء على رأي الخبراء من الأطباء ضرورة الفحص المتقدم أو العمليات الطبية لتعيين الجنس في الخنثى.
بينما لم يتأثر النظر الفقهي في مسألة اضطراب الهوية الجنسية النفسي بالتقدم الطبي، وذلك بناء على أدلة راسخة؛ تحترم حق الإنسان في التداوي، لكنها في الوقت ذاته تحافظ على إنسانيته وفطرته، ولا تجعل جسد الإنسان محلا للعبث أو التشويه، وقد اتفق الفقهاء قديما وحديثا على تحريم تحويل الجنس إذا كان الإنسان صحيح الجسم مكتمل الأعضاء ذكرا كان أو أنثى، وقالوا إن المشاعر النفسية لا يعتد بها ولا يعول عليها إذا كانت تخالف ما ظهر من تمام خلقة الإنسان وتكوينه الجسدي.