تفاوتت المجتمعات البشرية في تحديد الحماية المقررة للإنسان باعتباره كان ولا يزال محور للدراسات القانونية، ففي ظل النظم القانونية التي سادت في المجتمعات البدائية كانت للسلامة الجسدية للأفراد محلا لحق مالي يتم التعامل به بين الدائنين، حتى استقر الحال في العصور الوسطى على سيادة نظام الرق وعبودية الإنسان للإنسان، وفي هذه الحقبة الزمنية أخذت الحقوق المالية للإنسان مكان الصدارة على غيرها من باقي الحقوق، إلا أن التطور الذي طرأ في العصر الحديث كان بمثابة الصحوة في بث بزور التفاؤل والمطالبة بحقوق الإنسان حيث تنبهت البشرية بضرورة حماية الفرد في سلامة جسده وضمان التمتع به، غير أن الاتفاق على ذلك لم يمنع من الاختلاف في تحديد أسلوب ونطاق حماية القانون بين فلسفة ليبرالية فردية وأخرى اشتراكية.
بيد أنه بات من المستقر عليه أهمية السلامة الجسدية التابعة لحق أصيل مستقر في كافة النظم القانونية ألا وهو الحق في الحياة، وأصبح الاهتمام القانوني بالحقوق غير المالية وخصوصا الحقوق الشخصية بما فبها الحق في سلامة الجسد أجدر بالحماية والاهتمام من جانب القانون، فصحة الإنسان وسلامة جسده مصلحة كبرى مما سواها من المصالح، فالإنسان أولا والأموال ثانيا.
لذلك يهدف هذا البحث لبيان موقف الدساتير المقارنة من الحق في التكامل الجسدي وطبيعته القانونية، والحق في المستوى الصحي للجسم والحق في السكينة الجسدية واخيراً القيود التي ترد على هذا الحق.
وسوف نستخدم منهج البحث التحليلي المقارن في تناول لعرض جزيئات مشكلة البحث في الدساتير المقارنة وسوف تتم المقارنة على المستوى الرأسي لبيان أوجه التقارب والتباعد بين هذه النظم الدستورية المقارنة.
· وتثور إشكالية البحث في التساؤل التالي:
ما هو موقف الدستور المصري والدساتير المقارنة من الحق في سلامة الجسد وطبيعته القانونية، وما القيود التي ترد عليه؟
وللإجابة على هذا التساؤل نطرح الخطة التالية:
المبحث الأول: مضمون ونطاق الحق في سلامة الجسد وطبيعته القانونية؛ وفيه مطلبين:
المطلب الأول: مضمون ونطاق الحق في سلامة الجسد.
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للحق في سلامة الجسد.
المبحث الثاني: القيود التي ترد على الحق في سلامة الجسد؛ وفيه مطلبين:
المطلب الأول: توافر الضمانات القانونية.
المطلب الثاني: توافر الضمانات الطبية.
وخاتمة تتضمن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، والمراجع التي عالجته، ثم نزيل البحث بفهرس تفصيلي.