جسم الإنسان هو من أكثر عناصر الحياة تقديسا، ويعد المساس به انتهاكا لحرمة الكيان الجسدي للإنسان, وتحقيقا لذلك تعتبر حرمة جسم الإنسان وسلامته من أهم الحقوق التي يتمتع الفرد والمجتمع، إذ لا يمكن للمجتمع أن يحتفظ بوجوده ومستواه الخاص من التقدم والازدهار، إلا إذا كان هذا الحق محاطا بحماية كاملة.
فقد تطور الطب تطوراً كبيراً مما يجعله يتجاوز مهمته الأصلية وهي الوقاية والعلاج من الأمراض إلى مجالات أخرى كإجراء الأبحاث على الإنسان ، فبفضل هذه البحوث تمكن العلماء من الحد من الكثير من الأمراض التي حصدت الكثير من الأرواح لمدة طويلة من الزمن كأمراض الزهري والسل والجذري وغيرهم من الأمراض القاتلة، إذ أصبحت الكثير منها في طي النسيان وما بقي منها لا يشكل خطورة على مستقبل البشر بحكم أن علاجها أصبح الآن ميسورا.
بالرغم من الأهمية والفوائد التي تجلبها البحوث الطبية التي شهدت في السنوات الأخيرة انتشاراً كبيراً في المجتمعات, إلا أن إجراؤها أدى إلى تعرض الكيان الجسدي لمزيد من الانتهاكات الخطيرة التي تهدد حياة البشر, مما أوجد وجهاً للمسئولية تتواكب معها, حيث إن القائمين عليها قد لا يتوفر أو يتضح لهم نطاق الإباحة مما نتج عنه كثير من الانتهاكات الخطيرة.
وبصدور القانون رقم 214 لسنة 2020 بشأن تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية في مصر, وبالتالي أصبح هذا الموضوع حديث الساعة, فبعد أن كانت مشكلة البحوث الطبية مُثارة بالطبع قبل صدور القانون بين فقهاء القانون والطب, إلا أنها أصبحت أكثر إثارة بعد صدوره لما كان لهذا القانون إحداث زلزال في أثره من إباحة البحوث الطبية والإكلينيكية, فضلاً عما أعترى هذا القانون من الخلل و القصور في بعض مواضعه والتي سنعرض كل منها في حينه في هذا البحث آملين أن نسد هذا النقص و القصور من خلال المقارنة بالقوانين الأخرى ومن خلال رأينا المتواضع على اعتبار ذلك البحث أول بحث يناقش قانون البحوث الطبية, ولائحته التنفيذية الصادرة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء 927 لسنة 2022, ولذلك أتمنى أن يكون لي شرف المحاولة لمناقشة هذا القانون مع إضفاء الجديد من الاقتراحات على أن يحذوني الأمل أن يأخذ بها المشرع المصري مستقبلاً عند إجراء أي تعديل قد يطرأ على هذا القانون, بما يجعل هذا القانون في مصاف القوانين.