ساهم تطور الوسائل الفنية للتطبيب والعلاج في تطوير برتوكولات العلاج الطبي، مما ساهم في ارتفاع معدلات الشفاء من الكثير من الأمراض، وبصفة خاصة تلك التي كانت تعد من قبيل الأمراض المزمنة والمستعصية الشفاء. وساهمت التجارب الطبية العلمية بشكل كبير في أتساع أفق المعرفة بالأمراض ومسبباتها وطرق علاجها. ومع ذلك فأن التجارب الطبية – في بعض الحالات - تشكل مساساً بحرمة الجسد البشري ، وهذا المساس - في غير الحالات المحددة قانوناً - غير جائز شرعاً ومؤثم قانوناً ، حتي لو كان برضاء الشخص الخاضع للتجربة الطبية ، لأنه من المبادئ المستقرة أن لجسد الإنسان حرمة ولكيانه قدسية تتناسب مع القيمة الإنسانية للإنسان، وأن حق الإنسان على جسده ملك ناقص أي محض حق منفعة - في التشريعات ذات المرجعية الدينية - ، حيث أن جسد الانسان وروحه هبة من الله سبحانه وتعالي.
وبالتالي ظهرت الحاجة -في مجال البحوث العلمية والتجارب الطبية على الإنسان - ، للموازنة بين المتطلبات الحديثة في مجالات الطب والجراحة، وبين حتمية توفير الحد الأدنى من الاحترام الواجب للجسد البشري والحفاظ على الكرامة الإنسانية ، فلا يمكن إنكار أهمية هذه البحوث والتجارب، لاسيما أن أغلبها قد حققت نجاحات باهرة في توسيع آفاق المعرفة الطبية وانقاذ أرواح الملايين من البشر.
وهنا تثور عدد من التساؤلات أخصها، هل يجوز المساس بسلامة الجسد البشري في غير الغرض النافع لصاحب الجسد أو من أجل منفعته ؟ وهل يجوز تجربة دواء معين علي مريض إذا ما كانت نتائج المنفعة من هذا الدواء غير معلومة أو غير متوازنة مع المخاطر المتوقعة من تجربة هذا الدواء ؟ وهل قبول شخص ما اجراء تجربة طبية على جسده يعفي من المسؤولية الجنائية أو يمثل مانعاً من موانع العقاب ؟ وما حكم اجراء التجارب الطبية على المحكوم عليهم بعقوبة الاعدام أو السجن المؤبد؟ وما علاقة هذا الموضوع بمبدأ التكامل الجسدي والحق في سلامة الجسد البشري؟ وهل يعد تشريح الجثة من قبيل التجارب الطبية ؟ وما مدى مشروعية القيام بالتجارب الطبية والعلمية على الأنسان والضوابط القانونية التي يجب توافرها في مثل هذه الحالات ؟