تاريخ الإنسان مع الصحة فصل من قصة لم تنته بعد، فمنذ قديم الزمان والشفاءُ والعافيةُ حُلم الإنسان وخياله، ولم ينفرد شعب دون آخر بهذا الحٌلم، بل کان حُلما داعب خيال کل الأمم في جميع العصور، ومن ثم حظيت الموضوعات المتعلقة بالصحة باهتمام بالغ دون سائر الموضوعات، ولما لا وقد تعلقت هذه الموضوعات بأغلى ما في حياة الإنسان، صحته وعافيته([1]).
ولعل ذلک ما دعا المشرع المصري إلى وضع الحق في الصحة ضمن محاور البعد الاجتماعي من مستهدفات خطة التنمية المستدامة للدولة المصرية 2030م([2]) ومن ثم فإن الحق في الصحة - بإزاء ذلک – أضحى من عداد المصالح القانونية التي وضعت على بساط التشريع لبحث الآليات والسبل الفعالة لضمان حمايتها ولتحقيق أهدافها.
ولما کانت هذه الدراسة في الأصل من عداد الدراسات التي تندرج ضمن موضوعات القانون الجنائي، لذلک فقد انصب اهتمام الباحث فيها على دراسة نطاق الحِمايةُ الجِنائيَّةُ لِحقِّ الإنسانِ في الصحة، ثم التعرض لأهم الجرائم الماسة بِحقِّ الإنسانِ في الصحة في ضوء التطور التکنولوجي، وذلک على النحو التالي:
المطلب الأول: نطاق الحِمايةُ الجِنائيَّةُ لِحقِّ الإنسانِ في الصحة.
المطلب الثاني: أهم الجرائم الماسة بِحقِّ الإنسانِ في الصحة في ضوء التطور التکنولوجي.
([1]) أنظر صلاح أحمد مبروک تمام، مشکلات المسئولية المدنية في مجال التحاليل الطبية، رسالة دکتوراه، کلية الحقوق، جامعة بنى سويف، 2016م، ص11.
([2]) فجاء المحور السادس من محاور خطة التنمية المستدامة المصرية ليؤکد على أنه بحلول عام 2030 "يتمتــع کافــة المصريــن بالحــق في حيــاة صحيــة ســليمة آمنــة مــن خــلال تطبيــق نظــام صحــي متکامــل يتميــز بالإتاحــة والجــودة وعــدم التمييــز، وقــادر عــلى تحســن المــؤشرات الصحيــة عــن طريــق تحقيــق التغطيــة الصحيــة والوقائيــة الشــاملة والتدخــل المبکــر لکافــة المواطنين بمــا يکفــل الحمايــة الماليــة لغيــر القادريــن ويحقــق رضــا المواطنـيـن والعاملــين في قطــاع الصحــة لتحقيــق الرخــاء والرفاهيــة والســعادة والتنميــة الاجتماعيــة والاقتصاديــة ولتکــون مصــر رائــدة في مجــال الخدمــات والبحــوث الصحيــة عربيــاً وإفريقيــاً والوقائيــة".