أفضت التطورات المتلاحقة التي أصابت العالم في العقد الأخير من القرن الماضي, والعقدين المنصرمين في الألفية الجديدة إلى انعکاسات خطيرة وهامة على جميع الأصعدة, فظهرت تغيرات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بل وفي ثقافات المجتمعات والأفراد أيضاً, وقد واکب ذلک تحول في أساليب التفکير وردود الأفعال, وتغير في أشکال السلوک, علاوة على التطور الهائل في عالم التقنيات وتکنولوجيا الاتصالات.
ومن جهة أخرى, أدى التطور في مجال تقنيات الحاسب الآلي والإقبال المتعاظم على استخدام شبکة الإنترنت في شتى مجالات الحياة, والتطور السريع المتلاحق في ميادين تقنيات وفنون المعلومات إلى الاعتماد تدريجياً على مفردات البيئة التکنولوجية, وقد أفرزت هذه التطورات العديد من المفاهيم الجديدة, منها: مجتمع المعرفة – الثورة المعلوماتية – الثورة التکنولوجية- التعليم الرقمي, وغيرها من القيم التي تعبر عن التقدم التقني والتکنولوجي.
وعلى صعيد آخر, قادت التطورات في مجال الاتصالات وتکنولوجيا المعلومات إلى مزيد من الاعتماد على التکنولوجيا الحديثة, وهو ما أفضى بطريقة غير مباشرة إلى بزوغ قيم جديدة تعتبر أولى بالحماية القانونية, وذلک نظراً لما صاحب هذه التطورات من مخاطر تتعلق بالاعتداء على حق الأفراد في الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة, وقد برز من بين تلک المخاطر الإعتداء على البيانات الشخصية للأفراد
وفي مصر, يستخدم ما يزيد على 50 مليون مصري شبکة الإنترنت – طبقاً للأرقام المعلنة من وزارة الاتصالات تکنولوجيا المعلومات سنة 2020, وقد کان لذلک أثراً ملموساً على نمو حجم التجارة الإلکترونية في مصر, وهو ما استلزم تدخل المشرع المصري بتقرير الحماية القانونية الجنائية للبيانات الشخصية, باعتبارها أحد المفردات الهامة لضمان حماية الثقة في المعاملات الالکترونية وازدهارها.
وعلى جانب آخر, کان لأزمة کورونا انعکاسات مهمة على الصعيد التکنولوجي, فقد أدت إلى الانخراط في أشکال جديدة من التعامل الالکتروني على مستويات عدة, مما ساهم بشکل مباشر في الانخراط في البيئة الالکترونية وتسريع وتيرة انتشارها, مما حتَّمَ الاستجابة التشريعية لهذه المعطيات, وذلک بتوفير الحماية الکافية لمفردات هذه البيئة التکنولوجية الحديثة.