يستخدم مصطلح "البدون" لوصف جماعة من السکان تقطن دولة الکويت، حيث يطلق عليهم هذا الاصطلاح نظراً لکونهم "بدون جنسية". وفقًا لتقرير "هیومن رایتس ووتش" عام ١٩٩٥: " إن الکويت لدیها نظام اضطهاد ممنهج ضد البدون تزايد بشکل مطرد مع الغزو العراقي للکویت فی عام ١٩٩٠.".
تعرض البدون لمراحل متلاحقة من ممارسات التمييز العنصري ضدهم، إذ تم حرمانهم من الکثير من حقوقهم الأساسية: کالحق في العمل، السفر، الزواج والتعليم؛ مما أفضى إلى معاناة جلهم من الفقر والأمية. وقد ازدادت تلک المعاناة مع استهدافهم من قبل الحکومة الکويتية سواءً بالترحيل خارج البلاد أو الاعتقال التعسفي. ورغم حقيقة أن البدون يتمتعون بالحماية بمقتضى اتفاقية ١٩٥٤ بشأن انعدام الجنسية أو بموجب اتفاقية ١٩٥١ الخاصة بوضع اللاجئين؛ فإن هذه الحماية لم تکفل لهم الحد الأدنى من الحياة الإنسانية، وفق ما سيتضح في هذه الدراسة.
إن هذا البحث يتناول بالدراسة التضارب الواضح بين القانون الدولي والثقافة التمییزیة العنصرية المنتشرة ضد البدون فی الکویت، وذلک بالترکیز على ثلاثة نقاط رئيسية: أولاً: الخلفية التاريخية للممارسات العنصرية الممنهجة ضد البدون. ثانياً: المرکز القانوني للبدون على الصعيدين الدولي والمحلي بدولة الکويت. ثالثاً: عرض الحلول المتاحة وفق آليات القانون الدولي لوضع حلٍ دائمٍ لهذه الإشکالية على المستويين الدولي والداخلي لدولة الکويت. وخلال هذه الدراسة سنتناول مفهوم "الملاءمة الثقافية" من منظور اجتماعي - قانوني وأقدمه ضمن الأساليب الأکثر فاعلية فی معالجة قضية البدون.
البحث عبارة عن دراسة تحليلية ذات نهج نوعي. الهدف الرئيسي من استخدام هذه المنهجيات هو تقديم ورقة بحثية تطبيقية تقدم دراسة اجتماعية - قانونية مفصّلة لقضية البدون.
وإنني إذ أتقدم بهذه الورقة البحثية، فکلي أمل أن تساهم في إيصال صرخات آلاف البدون اللذين یعیشون فی معاناة یومیة لا تعرف الأوساط القانونية عنها الأثر، علها تکون خطوة نحو تقديم حلول قانونية وعملية لحل إشکالية انعدام الجنسية التي تواجه العالم بشکل مطرد والتي دفعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بشن حملة "أنا أنتمي" بهدف إنهاء حالات انعدام الجنسية بحلول عام ٢٠٢٤.