بهذه الجرائم الي النيابة العسکرية المختصة المحاکم العسکرية تمثل استثناءاُ بارزا على مبدأ کفالة حق التقاضي في نواحي متعددة، فمن ناحية يمتد اختصاص القضاء العسکري إلى جرائم تدخل في اختصاص القضاء العادي، ومن ناحية ثانية تتم محاکمة المدنيين أمام المحاکم العسکرية بعيداُ عن قاضيهم الطبيعي. کذلک النقص الشديد في الضمانات التي يوفرها القانون للخاضعين لأحکامه، وأخيراً فان أحالة المدنيين إلى المحاکم العسکرية، من أبرز انتهاکات الحق في المحاکمة العادلة والمنصفة والحق في التقاضي أمام القضاء الطبيعي، وهو أمر يتناقض مع المواثيق الدولية المعنية بالحقوق ( م 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية)، والتي تؤکد على حق کالمساواة أمام القضاء([1]).
ولا شک ان الامر قد تغير بالنسبة للقضاء العسکري بعد صدور القرار بقانون رقم 136 لسنة 2014 والذي ينص علي تامين وحماية المنشات العامة والحيوية علي ان تتولي القوات المسلحة معاونة اجهزة الشرطة والتنسيق الکامل معها في تامين المنشات العامة والحيوية. وأصبحت تخضع الجرائم التي تقع علي المشات والمرافق والممتلکات العامة من هذا القرار بقانون لاختصاص القضاء العسکري وأصبح لازما علي النيابة العامة احالة القضايا المتعلقة.
وتعتبر مناقضة لحق الفرد في محاکمة منصفة ومستقلة ومحايدة وقائمة استناداً إلى القانون([2])([3])([4]) .
([1]) الأستاذ الدکتور/ جمال العطيفي، تاريخ القوانين العسکرية(اراء في الشرعية وفي الحرية ) الهيئة المصرية العامة للکتاب، 1980 م، ص 423 وما بعدها.الأستاذ الدکتور/عبد الغني بسيوني عبد الله ، مرجع سابق ، ص 262.
([2]) بلغ عدد القضايا التي نظرت أمام القضاء العسکري 34 قضية على سبيل المثال في عام واحد هو 2012...وصدرت أحکام بالإعدام بحق 92 متهما..وأحکام بالحبس بحق 644 متهما. وأحکام بالبراءة بحق 297 متهما...وظل عدد کبير من المتهمين في السجون بقرار أدارى ( اعتقال ) وفي ضوء متابعة المنظمة لتلک المحاکمات حيث حضر مندوبو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
([3]) حيث جاء في دستور الولايات المتحدة الأمريکية، المادة 3: الفقرة الثانية:تجرى المحاکمة في کل التهم - إلا في حالات الاتهام النيابى- أمام هيئة المحلفين؛ وتعقد تلک المحاکمة في نفس الولاية التى تمت بها الجريمة؛ ولکن إذا لم تکن قد ارتکبت في حدود أى من الولايات، تعقد في مکان حدوث الجريمة، أو مکان يحدده البرلمان (الکونجرس) بالقانون.وﺍلبند الخامس من قائمة الحقوق: (أضيفت للدستور عام 1791)ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻋﺘﻘﺎﻝ ﺃﻱ شخص واستجوابه ﺑﺸﺄﻥ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺷﺎﺋﻨﺔ ﺃﺧﺮﻯ،ﺇﻻ ﻟﻠﻤﺜﻮﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺤﻠﻔﻴﻦ،ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﻴﺸﻴﺎ، عندما ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﻌﺎم.
([4]) حيث قضت محکمة النقض:" لما کانت التهمة المسندة إلي الطاعن ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 25 لسنة 1966 الخاص بالأحکام العسکرية، ولم تقع بسبب تأدية وظيفته، وکان قد اتهم فيه مع الطاعن آخر من غير الخاضعين لقانون الأحکام العسکرية، فإن الاختصاص بمحاکمة الطاعن ينعقد طبقاً للمادة رقم 7، 2 من القانون المذکور. ولا يغير من هذا النظر أن تکون محکمة أول درجة قد قضت ببراءة المتهم الآخر، ذلک أن ولاية المحاکم العادية للحکم في الجرائم هي ولاية عامة أصيلة، ومتى رفعت إليها دعوى تدخل في اختصاصها العام وجب عليها النظر فيها وفيما يرفع عن أحکامها من طعون وعدم التخلي عن ولايتها لقضاء آخر. ومن ثم فإن الحکم المطعون فيه إذ قضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحکمة ولائياً بنظر الدعوى يکون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.(نقض جلسة 15، 4، 1982 س 33 ق 100ص 490).