خلق الله الانسان في أحسن صورة، وخلق له الأرض ليعيش عليها ويعمرها، وجعل له زينة يتزين بها أثناء الحياة الدنيا، تمثلت في تملک الأموال والتعزز بالاولاد، قال تعالي:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾([1])، ففي المال جمالاً ونفعاً وفي البنون قوة ودفعاً، وقُدم المال علي البنون لأنه أعم من الأبناء في الزينة، فهو يشمل کل الأفراد وجميع الأوقات، ذلک أنه زينة في حد ذاته، إضافة لکونه سبب في بقاء النفس وحفظها.
وخلق الانسان مجبول علي حُب المال حريص علي الحصول عليه واقتنائه، قال تعالي:{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾([2])، فالمال قسيم الروح وصنو النساء والأبناء قال تعالي:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِکَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾([3])، وللوقع الشديد للمال علي النفس البشرية سواء من يدفعه أو يستحصل عليه، حذر القرآن الکريم من المساس بالأموال بغير حق، قال تعالي:{وَلاَ تَأْکُلُواْ أَمْوَالَکُم بَيْنَکُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُکَّامِ لِتَأْکُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾([4]).
والمال أيضاً قوام الأعمال، وضرورة من ضرورات الحياة، ورکن من أرکان الدنيا، فبالعلم والمال ينبي الناس ملکهم، وتملک المال بالطرق المباحة فطرة سليمة، إذ به تنتظم أحوال الناس ومعايشهم، وهو معني مذکور في قوله تعالي:{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَکُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَکُمْ قِيَاماً﴾([5])، ويکفي المال فضلاً أنه يُمکن صاحبه من العيش بکرامة يعطي ولايطلب ينفق ولايسأل، قال صلي الله عليه وسلم:{اليد العليا خير من اليد السفلي، واليد العليا المنفقة والسفلي السائلة ﴾([6]).
([1]) سورة الکهف، جزء من الآية رقم (46).
([2]) سورة الفجر، الآية رقم (20).
([3]) سورة آل عمران، جزء من الآية رقم (14).
([4]) سورة البقرة، الآية رقم (188).
([5]) سورة النساء، جزء من الآية رقم (5).
([6]) صحيح مسلم، حديث رقم (1033)؛ صحيح البخاري، حديث رقم(1427).