أصبح الاقتصاد الرقمى واقعا لا يمکن إنکاره، ويمثل حجما لا يستهان به من الناتج الإجمالى العالمى. حيث بلغت مبيعات التجارة الالکترونية فى العالم بحسب تقديرات الأمم المتحدة لعام 2018 نحو(26) تريليون دولار، ويسهم الاقتصاد الرقمى– بحسب التعريفات المختلفة- بنحو 30% من إجمالى اقتصاد العالم، وبنحو 25% من النمو العالمى، ويوفر ما يزيد عن 65% من فرص العمل فى البلدان المتقدمة، وتضاعفت الصادرات العالمية من الخدمات الرقمية بمقدار الثلاثة أضعاف خلال الفترة من 2005 إلى 2018، لتسجل نحو50% من إجمالى صادرات الخدمات فى العالم نهاية عام 2018^([1]).
            وبينما تتنامى أنشطة الاقتصاد الرقمى بشکل متزايد، يبدو القانون المالى أقل قدرة على التفاعل مع هذه المتغيرات، وتبرز مشکلة التجنب الضريبى، باعتبارها أحد أهم التحديات التى تواجه النظم الضريبية التقليدية، ليس فقط لما ينتج عنه من تآکل الأوعية الضريبية وهجرة الأعمال صوب الجذر الملاذية، لکن کذلک للإضرار بالمنافسة العادلة بين المشروعات سواء فى مجال التجارة الدولية أو فى داخل الدولة الواحدة. ولا شک فى أن المعاملة الضريبية التمييزية سوف تدفع المزيد من الشرکات إلى التوجه صوب الفضاء الرقمى، وهو ما يؤدى إلى تراجع الإيرادات الضريبية، ويؤثر على سلبا على العدالة الاجتماعية.   



([1])- Unctad, Digital Economy Report 2019: Overview, New York, 2019, p. 13, 15, 19. Daniel Bunn, Elke Asen, Cristina Enache, Digital Taxation around the world,Tax Foundation,May 2020,p8.( Https://Tax Foundation,org)