أضحت العقوبة السالبة للحرية على وجه الخصوص في القرن التاسع عشر هي العقوبة الأولي المطبقة في مختلف دول العالم ، لا سيما بعد إلغاء معظم العقوبات البدنية التي کانت سائدة في الشرائع القديمة ، وبروز اتجاه عالمي مؤثر يتجه– بل اتجه بالفعل - نحو إلغاء عقوبة الإعدام ([1]).
لقد تطورت النظرة إلي العقوبة وأهدافها تبعا للتطور الفکري والحضاري في المجتمعات البشرية . فبعد أن کانت العقوبة ينظر إليها في المجتمعات البدائية على أنها رد فعل عشوائي وانتقامي ضد الجاني وأسرته ، أضحي لها مع تطور الفکر الإنساني وظيفتان رئيسيتان : الأولي ، أخلاقية تتمثل في تکفير الجاني عن ذنبه وإرضاء الشعور بالعدالة . والثانية ، نفعية تتمثل في تحقيق الردع العام وإصلاح حال الجاني لإعادة تکيفه مع المجتمع([2]).
بيد أن تلک الآمال ( الأغراض ) قد تحطمت على صخرة الواقع ، هذا الذي يثبت ويؤکد يوما بعد يوما أن برامج إصلاح وتأهيل المحکوم عليهم داخل المؤسسات العقابية فشلت في تحقيق الغاية المنشودة من العقوبة ، فالسجن ليس علاجا ناجعا للجريمة والإجرام