رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح من أکثر الروايات العربية التي حظيت بالنقد والتحليل والقراءات النقدية الغربية والشرقية لما لها من إمکانيات نصية تعالج عدة مواضيع ذات أهمية کبيرة في التماس مع الإشکاليات السياسية والسوسيو- ثقافية المتحکمة في الوطن العربي إلى اليوم. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الرواية وفق مفاهيم نظرية "ما بعد الاستعمار" وصورة کل من المستعمِر والمستعمَر في الرواية، وعرض کيف رأى کل منهما الآخر وفق مفهوم 'الاستشراق' للناقد الفلسطيني الأمريکي إدوارد سعيد، و'الاستغراب' بوصفه الاستشراق معکوسا مقدما من وجهة نظر عربية. تبحث هذه الدراسة في أثر الثقافة الغربية على شخصيات الرواية مثل: مصطفى سعيد، والسارد، وحسنة بنت محمود بالاستناد على مفهوم 'الهجنة' للمفکر الهندي الإنجليزي هومي بابا لما له من قدرة على تحليل الحالة البينية التي تعيشها الشخصيات في الرواية. ستبدأ هذه الدراسة بعرض مقدمة تاريخية عامة لتشکل النظرية، وأهم مفاهيم نظرية "ما بعد الاستعمار" التي طرحها مؤسسو النظرية. من ثم سيتلو هذا الجزء مقارنة بين الرواية، ورواية جوزيف کونراد "قلب الظلام". أما الجزء اللاحق فسيکون تحليل شخصيات الرواية وفق مفاهيم 'الاستشراق' و 'الاستغراب'، و 'الهجنة'. يهتم الجزء الأخير من الدراسة ببحث علاقة نظرية "ما بعد الاستعمار" و "النظرية النقدية النسوية" من خلال تسليط الضوء على شخصية حسنة بنت محمود ومعاناتها مع القوى البطريرکية في المجتمع السوداني التقليدي.