يعد توظيف التراث والتعبير به ظاهرة في الشعر العربي المعاصر، وقد اهتمت الدراسات النقدية بتحليل النصوص التي تضمنت توظيفاَ للتراث، وأبرزت فنية ذلک التوظيف ودلالاته وإيحاءاته. والتعبير بالتراث مرحلة أکثر نضجاً من الناحية الفنية من التعبير عنه؛ لأن الشاعر يقيم علاقة جديدة وخصبة مع التراث، ويتبادل معه الأخذ والعطاء، والتأثر والتأثير، ويُکسب العناصر التراثية دلالات أکثر عمقاً وثراء، وملامح فنية جديدة يوصِلُ بها تجربته الحديثة.
ويأتي المنهج الموضوعاتي في صدارة المناهج المناسبة لتحليل النصوص الشعرية الموظفة للتراث؛ لعدة أسباب، أهمها: أن الفکرة المرکزية في المنهج الموضوعاتي تقوم على أن الأدب موضوع تجربة نفسية وروحية أکثر منه موضوع معرفة، ولأن العلاقة بين العناصر التراثية الموظَّفة والشاعر - في التعبير بالتراث - علاقة ربط بين تجربتين نفسيتين، وليست علاقة معلومات ومعارف. ويقوم هذا البحث على دراسة فکرة موضوعاتية عن الحب والحرب في رحلة البحث عن الخلاص في ديوان (سقط سهواً) للشاعر السعودي إبراهيم الوافي، الذي تتصف قصائده بأنها مشحونة بالکثير من انفعالات الشاعر وعواطفه تجاه الأمة العربية، وأحوالها وظروفها المختلفة، وتعکس تحولاته الانفعالية المتنوعة تجاه همومه وطموحاته العربية، کما تکشف أيضاً درجة انغماس الشاعر في تفاصيل حياة الشخصيات التراثية التي وظفها في الديوان.