الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على مَنْ ختم الله به الرسالات، سيدنا محمد ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد
فإني أحمد الله - تعالى - حق حمده ، وأشکره شکرا يليق بجلاله وکماله، أن أمدني - سبحانه - بقدرته وقوته ، وأعانني على إتمام هذا البحث ، والذي هو بعنوان:( الخطأ الطبي ومسئولية ضمانه )، ولست أدَّعي لنفسي کمالا ولا فضلا ، فإن الکمال لله – تعالى - ولأنبيائه ورسله ، ولله سبحانه عظيم الفضل والمنَّة ، وقد بذلت وسعي واستفرغت جهدي لإتمام هذا البحث على أکمل وجه ، وللوصول إلى الحقيقة التي هي غاية کل باحث ، فإن کنت قد وُفقت فمن الله تعالى ، وإن کانت الأخرى فمني ومن الشيطان ، وحسبي حسن النية وإخلاص القصد، وقد توصلت من خلال بحثي لهذا الموضوع إلى بعض النتائج والتوصيات، أوجزها فيما يلي:
أ ـ النتائج :
أولا : الخطأ الطبي : هو الفعل الذي يظهر عند إخلال الطبيب بواجباته المهنية ، وعند خروج الطبيب عن تنفيذ التزاماته حيال مريضه المتمثلة ببذل العناية الطبية التي تشترطها أصول مهنته وتخصصه.
ثانيا : الأخطاء الطبية ليست کلها نوعا واحدا ، کما أنها ليست کلها على درجة واحدة ، ويُسأل الطبيب عن کل أنواع الخطأ ودرجاته إذا ثبت تقصيره .
ثالثا: من أشهر صور الخطأ الطبي: الخطأ في التشخيص، والخطأ في وصف العلاج، والخطأ في العمليات الجراحية، والخطأ في التخدير، والخطأ في الولادة.
رابعا : المعيار الأمثل في تقدير الخطأ الطبي هو اعتماد سلوک عملي نموذجي لطبيب من أوسط الأطباء کفاءة وخبرة وتبصرا ودقة ، على أن يکون الطبيب من نفس المستوى في اختصاص الطبيب المدَّعى عليه بالخطأ.
خامسا: يتم إثبات الخطأ الطبي الموجب للمسئولية والضمان بواحد من طرق الإثبات الآتية : الإقرار ، الشهادة ، قول الخبير ، الملفات والوثائق الطبية .
سادسا : مسئولية الطبيب الجنائية في الفقه الإسلامي تقوم على ثلاثة أرکان ، هي : الخطأ أو الإهمال ، والضرر ، وعلاقة السببية بينهما.
سابعا : الضمان الناتج عن الخطأ الطبي إما أن يکون موجبه الجهل بأصول المهنة ، أو التعدي الشخصي من جانب الأطباء أو مساعديهم ، أو مخالفة القواعد الطبية المتعارف عليها ، أو ممارسة العمل الطبي بغير إذن.
ثامنا : المسئولية عن الخطأ الطبي لا تقع في کثير من الأحيان على عاتق الطبيب المعالج وحده ، فقد تتحمل أطراف أخرى هذه المسئولية، ومن هذه الأطراف: الفريق الطبي والمساعدون الذين يعاونون الطبيب في أداء مهمة علاجية، والمستشفى الذي يُعَالج فيه المريض.
تاسعا : إذا ثبت موجِب المسئولية الطبية ترتب على ذلک واحد أو أکثر من الآثار التالية: القصاص ، الدية ، التعزير ، تحمل نفقات العلاج ، التعويض عن التعطل عن العمل.
عاشرا : يسقط الضمان عن الطبيب في الخطأ الطبي في الحالات الآتية: إذا کان الطبيب حاذقا وأعطى الصنعة حقها ولم تجن يده ولم يتجاوز ما أذن له فيه، خطأ المريض، خطأ الغير.
ب - التوصيات:
يمکن الحدّ من الأخطاء الطبية والتقليل من آثارها الضارة من خلال تفعيل المقترحات الذي ذکرتُها في المبحث السادس من الفصل الثاني ، وأبرز هذه المقترحات ما يلي :
أولا: العمل الدائم على الرفع من مستوى الأطباء والعاملين في المجال الطبي، وذلک عن طريق الدورات العلمية المکثَّفة، والتدريب على الأجهزة الحديثة والمتطورة.
ثانيا : وجود لجنة رقابية دائمة في المستشفيات – العامة والخاصة – تُعْنى بدراسة شکاوى المرضى أو ذويهم عند الاشتباه بوجود ضرر لمريض ما نتيجة خطأ طبي.
ثالثا : إنشاء سجل وطني لحصر المخالفات الطبية المبلغ عنها وتصنيفها بعد دراستها وتحليلها إحصائيا ، ليتم على ضوء ذلک إعداد نشرات خاصة بالأخطاء الطبية الأکثر شيوعا مصنفة حسب التخصص، وطرق تفاديها.
رابعا : إنشاء صندوق مالي بنقابة الأطباء يُعوَّض منه المرضى المتضررون من الخطأ الطبي.
خامسا : سرعة الفصل في القضايا المتعلقة بالخطأ الطبي ، وذلک بإنشاء هيئة قضائية خاصة تتکون من قضاة وخبراء من الأطباء تتولى الفصل في القضايا الطبية ، حيث إن البطء في إجراءات التقاضي في الدعاوى الطبية يزيد آلام المرضى ويُعمِّق جراحهم .