يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على الوقف المائي الذي هو جزء من أجزاء الوقف الخيري، الذي يقصد الواقف من ورائه التصدق على وجوه البر، عن طريق حبس بعض الموارد المائية، لجهة عامة أو خاصة، على جهة التأقيت، أو التأبيد، بنية التقرب إلى الله. وهو مبدأ نبوي أصيل، يعمل على استدامة التحبيس، واستمرارية التسبيل عبر الاستفادة من الموارد الطبيعية، مراعاة لمصلحة الوقف، وضمان بقاء أصله، واستمرار منفعته، وذلک باتِّباع أساليب إنتاج الموارد المائية، واستغلالها، بسُبل تضمن تحقيق الأمن المائي، لا سيما في ظل ما يشهده الواقع البيئي المعاصر من استنـزاف للموارد المائية، وإخلال بتوازنها.
وتتمثل أهمية البحث في الحاجة إلى إحياء سنة الوقف المائي، واستثمارها استثمارا جديدًا، وتوجيه الاهتمام للکشف عن أصولها، وتطوير آلياتها، وفق الأنظمة الحديثة، وطرح سُبل تفعيلها في واقع مجتمعاتنا، للاستفادة من هذا المخزون الحضاري الأصيل.
وقد انفرد هذا البحث عن الدراسات التي سبقته في أنه أصَّل للوقف المائي من السنة النبوية المطهرة، ووضح دور النبي -H- وحکمته في إرساء دعائمه، کما عرض البحث ـ بالإضافة إلى ما سبق ـ التطبيقات والصيغ المعاصرة لتفعيل دور الوقف المائي في الحياة العامة، حتى يخدم البحث المؤسسات التطبيقية، ويؤتي أکله ولو بعد حين. کما طرح البحث سبع عشرة صيغة للوقف المائي المعاصر؛ لما لهذه الصيغ من دور مهم في إحياء سنة الوقف المائي، وربط قضايا الأوقاف بهموم الأوطان، وتوظيفها لحل مشاکله، وتوجيه الاهتمام للکشف عن أصولها، وتطوير آلياتها وفق الأنظمة الحديثة، وطرح سُبل تفعيلها في واقع مجتمعاتنا، للاستفادة من هذا المخزون الحضاري الأصيل.
وقد توصل البحث إلى أنه يمکن للوقف المائي أن يقوم بدور فعال في تحقيق الأمن المائي المستدام، ويُسهم بشکل ملحوظ في التنمية الاقتصادية على المستويين المحلي والإقليمي، کما أن تفعيل الوقف من خلال مشروعات الحصاد المائي يزيد من الإسهام في تنمية الموارد المائية في المناطق الجافة، ويخفف من حدة تبعات العجز المائي المتوقع في السنوات القادمة.