مقدمة البحث: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد لاحظت أن شريعتنا الإسلامية تأخذ بالاحتياط في جميع الأمور مما أثار عندي تساؤلات عديدة في هذا الشأن، فما معني الاحتياط وما الفرق بينه وبين سد الذرائع؛ وهل للاحتياط أثر أصولي، وما مرتبته عند الأصوليين، فعزمت على الکتابة في هذه المسالة. واشتمل البحث على مقدمة، وثلاثة مباحث وخاتمة. أما المقدمة: ففي أهمية البحث ومنهجه وخطته. وأما المبحث الأول: ففي مفهوم الاحتياط لغة واصطلاحا والفرق بينه وبين سد الذرائع، فهو في اللغة يعني الأخذ بالأحزم والأوثق، والحفظ، والتعهد، وبلوغ أقصى الشيء وفي الاصطلاح: حفظ النفس عن الوقوع في المأثم والغلط والسهو والاحتياط يتفق مع سد الذرائع دليل کلي عند بعض الأصوليين وهو متعلق بالأحکام الشرعية، والاحتياط ليس کذلک. المبحث الثاني: في حکم الأخذ بالاحتياط، وأدلة اعتباره. · اتفق جمهور الأصوليين على الأخذ بالاحتياط في الدين ولم يخالف في ذلک إلا ابن حزم الظاهري، وبالرجوع إلى أقواله يظهر للباحث أنه لم يقصد إنکار الاحتياط وإنما أنکر دليل سد الذرائع. · وقد استدل الأصوليون بأدلة کثيرة من القران الکريم على اعتبار الأخذ بالاحتياط منها قوله تعالى (وما کان الله ليعذبهم وأنت فيهم) سورة الأنفال الآية (33) ومنها قوله تعالى: (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاکتبوه) سورة القرة الآية (282) · واستدلوا من السنة بأحاديث کثيرة منها خبر ذي اليدين وقوله -H-: (دع ما يريبک إلى ما لا يريبک) (أخرجه أحمد) واستدلوا أيضا بعمل الصحابة، فقد اخذوا بالاحتياط وظهر ذلک جليا في أفعالهم، ومن ذلک خبر الاستئذان الذي ذکره أبو موسى لعمر –L– ((فلم يقبله إلا بشاهد أخر)) (أخرجه البخاري). المبحث الثالث: أثر الأخذ بالاحتياط في علم أصول الفقه للأخذ بالاحتياط آثار أصولية کثيرة منها: · القول بعصمة الأنبياء عن الذنب عموما احتياطا. · ومنها الأخذ بالاحتياط في نقل الأخبار النبوية والأدلة الکلية. مما جعلهم يشترطون العدد في قبول الأخبار ويردون بعض الأخبار کخبر الصبي، والمجنون، والفاسق، والسفيه احتياطا. · وقد اختلف الأصوليون في مرتبة الاحتياط عندهم فأطلق البعض على الاحتياط انه دليل کلي. · وأطلق البعض عليه اسم القاعدة الأصولية وبعضهم جعله قاعدة فقهية، وبعضهم جعله مرجحا بين الأدلة والراجح أنه ضابط عام في الشريعة الإسلامية والحمد لله أولا وأخرا. وأما الخاتمة ففيها أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها من خلال بحثي سائلا المولى القبول والسداد وصلي الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.