يحتاج البحث في معرفة فقه الحديث إلى علم من علوم الآلة ألا وهو: علم أصول الفقه، فإنه من أهم العلوم الموصلة إلى معرفة أحکام الله تعالى في کتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وجهل بعض الباحثين بهذا العلم يجعلهم يحملون النصوص ما لا تحتمل، ويخرجونها عن مرادها الذي أراده الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم- ونتيجة لذلک فقد وجدنا کثيراً من الدعاة والخطباء والوعاظ، ومن يتصدرون لشرح الأحاديث النبوية من غير المتخصصين، يشرحون الأحاديث التي فيها نهي على أن النهي للتحريم مطلقا دون معرفة بنوع النهي وهل هو للتحريم أم لغيره؟  ودون معرفة بالقرائن التي تصرفه عن التحريم إلى غيره من المعاني الأخرى، ويصورون أي نهي على أنه وعيد وتهديد، ويبنون على ذلک أن من يرتکب هذا النهي أو يفعله، فهو مخالف لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- غير مجتنب لنهيه، مستحق للعقاب. والواقع أن النهي لا يکون للتحريم فقط، وإنما يخرج عن التحريم إلى معان أخرى ذکرها علماء الأصول. وقد اخترت الکتابة في هذا البحث لبيان معنى من المعاني التي ينصرف إليها النهي عن التحريم، وهو التنزيه، وبيان أثر ذلک في معرفة فقه الحديث.