موضوع هذه الدراسة قائم على تحقيق مناطات الموازنة بين المصالح، ثم ترجيح ما هو راجح باعتبار الشريعة ومقصودها. فبينت الدراسة دور الشريعة الإسلامية في ترسيخ منهجية من مناهج الاجتهاد تقوم على الموازنة بين المصالح والمفاسد، فخصصت دراستي هذه للموازنة بين المصالح فقط، وکشفت عن الأسس والملامح والقواعد هذا القانون المنظم لطلب المصالح بين الفرد والمجتمع، وأن هذه القواعد مستمدة من مقاصد الشريعة وجوهرها، وأنها تحمل بين طياتها صلاح البشرية في الدنيا والآخرة. وأن سادتنا الفقهاء والأصوليين قد عرفوا مقاصد الشريعة فحصّلوها، ثم أسسوا قواعدها وأصولها على ما ثبت في خلدهم من قواعدها، وجالت أفکارهم في مناهجها، وأعملوا الجدّ في تحقيق مبادئها وغاياتها، وعنوا بعد ذلک باطّراح الآمال، وشفعوا العلم بإصلاح الأعمال. وکشف البحث عن الأسس التي بنى عليها علماء المقاصد الذين أسسوا لقواعد الموازنات مظان وقوع التعارض بين المصالح ليراعيها المجتهد، والمشرعون للسياسة التي يقوم عليها استقرار المجتمع وتنظيم العلاقة بين أفراده، ثم عملت الدراسة على جمع وتحرير قواعد مقاصدية تحکم الموازنة في استعمال الحقوق عند تعارضها بين الفرد والمجتمع، ينبثق منها أنموذجا لـقانون ينظم قضية الموازنة والترجيح بين مصالح الناس مضبوطا بضوابط الشرع الکلية، خصوصا في حالة الأزمات، ثم خرجت على هذه القواعد عددا من النوازل المعاصرة.