تکتسي تحف العاج الأندلسية خلال عصر الخلافة الأموية بحاضرة قرطبة (316–422هـ/ 929– 1031م)، أهمية تاريخية کبرى، وقيمة فنية بالغة، بما تعکسه زخارفها، نقوشها، وموضوعاتها التصويرية، من خصائص وسمات دالة على مدى التقدم الفني، وما کانت تنعم به بلاد الأندلس وقتئذ من حياة ترف ورفاهية، فضلاً عن کونها تعکس عديداً من الجوانب الحياتية المعروفة داخل المجتمع الإسلامي خلال ذلک العصر.
من جانب آخر، فإن ظاهرة "الموضوعات التصويرية الشخصية"، المتعلقة بالخلفاء، الأمراء، وکبار رجال الدولة، قد عرفت في الفن الإسلامي ببلاد الشام والعراق، منذ العهد المبکر خلال العصرين الأموي والعباسي، على العمائر والنقود، وجميعها تکاد تتفق في بعض الخصائص والسمات الفنية المتعلقة بتلک الشخصيات، من حيث ملامحهم، ثيابهم، حرکاتهم، شاراتهم الملوکية، سواء کان ذلک في مجالسهم الملوکية الخاصة أو الترفيهية، صحبة أعوانهم وخدمهم، حسبما نجد نظائرها على تحف العاج الأندلسية خلال عصر الخلافة بقرطبة.
أهداف البحث:
بناءً على ذلک، تهدف هذه الدراسة إلى معالجة وتحليل بعض المشاهد التصويرية، التي ازدانت بها نماذج من تلک التحف العاجية، رَوْم الآتي:
- التعرف على حقيقة ماهيتها الفنية، وإثبات إنها في الواقع ما هي إلا مناظر تصويرية متعلقة بکبار رجال الدولة وعِلْية القوم على وجه الحقيقة، وليست مجرد موضوعات زخرفية.
- رَصْد بعض المظاهر الاجتماعية الخاصة بأولئک الرجال من حيث ملامحهم، ثيابهم، حرکاتهم، شاراتهم الملوکية، ووسائل لهوهم وتسليتهم.
- مدى توافق معطيات ودلالات هذه الموضوعات التصويرية مع الإفادات التاريخية المعاصرة، المتعلقة بحياتهم الخاصة، مکانتهم الاجتماعية، وخططهم الوظيفية.
- أخيراً، إبراز أوجه من التأثيرات المشرقية الأموية والعباسية بتلک المشاهد التصويرية.
منهجية البحث:
تعتمد الدراسة على کل من المنهجين الوصفي والتحليلي لتفسير تلک المناظر التصويرية، وإثبات إنها مشاهد تصويرية ملکية على وجه الحقيقة، کأحد مظاهر التأثيرات الفنية المشرقية في الحضارة الأندلسية خلال عصر الخلافة بقرطبة (316- 422هـ/ 929- 1031م).