(Gypsies) هم قوم جُفاة منتشرون علي هامش المجتمع في جميع القارات، على شکل جماعات منغلقة نفسها، وتتسم أحوالها بالغموض، يتمسکون بعاداتهم الخاصة ويرتبطون بحبل سريّ واحد من أنماط العيش والسلوک والأخلاق وعشق الفنون، ويتلونون في أهم سياقات الحياة وعلى رأسها الأزياء في کل بيئة يحلون فيها، ويعتبرون ذلک نوع إلزامي من التوافق والتکيف الاجتماعي. هم قبائل بلا هويّة توحّدهم، ولا قوميّة تجمعهم، ولا وطن يحلمون بسيادته أو بالعودة إليه يومًا، مجموعات آمنت أن کل الأرض وطنهم وأن التسکع لعنتهم، لا أصل لهم سوى عاداتهم وتقاليدهم.
على أرض الواقع لا نستطيع أن نتحدث عن أعراق وهويّات الغجر، فهويّتهم واحدة وهي التيه، وهم الغرباء الرُحًل، فحين طرق هؤلاء الغجر أبواب العالم فقد أثاروا دهشة کبيرة، وتوارت النظريات بشأن أصولهم، وعبر القرون نجحوا في أن يحافظوا على هوية مميزة، وأن يظهروا قدرة فائقة على التکيف والبقاء. ومن الطبيعي أن کل شعب يسکن الغجر بينه يرى فيهم أنهم جماعات مميزة ومختلفة، فهم لا ينتسبون إلى ثقافة معينة في العالم نظرًا لأنهم لم يتبنوا ثقافة بعينها، وتدل الدراسة التاريخية للغجر أنهم شعب حامل لثقافة شعوب أخرى، سواء کانت للغجر أساسًا ثقافتهم الخاصة أم لا، وهو ما انعکس على ملابسهم وإکسسواراتهم، وهذا ما ستناوله في هذه الدراسة.
وفي ضوء ذلک؛ لا نشک في أن أزياء الغجر قد تأثرت ملامحها وأبجديتها بکثير من الشعوب التي مرت عليها أثناء ترحالها، والتي عاشت أو تعيش بينها، ويفسر ذلک التشابه في بعض العناصر والبناء للملابس بين جماعة غجرية معينة، وبين شعب غير غجري. ونأخذ مثال على ذلک ملابس نساء الغجر في مصر، حيث تحتوي أزياء نساء مجتمع الغجر عادةً على صور البيئة التي تنشأ فيها، وتفاصيل من الحياة التي تعيشها، وبالقدر نفسه يمکن أن نلمس الارتباط بين طبيعة حياة المرأة في مجتمعها والظروف الجغرافية وقطع الزي وشکله وبنائه والمواد المصنوعة منه وزينتها. وتهدف الدراسة إلى دراسة طبيعة جماعة الغجر في مصر بوجه عام، ومحافظتي الشرقية وبني سويف بوجه خاص ودراسة أثر البيئة الاجتماعية على جماعة الغجر، من خلال دراسة وتحليل أزياء النساء الخاصة بهم.