لقد وجد التصميم الداخلى ليس لخلق بيئة مريحة لعموم المستخدمين فحسب, بل عندما يتعلق الأمر بالفئات ذوى الإحتياجات الخاصة يکون دوره أهم وأعمق فعندما يکون الفرد غير قادر على إدراک بيئته, والتکيف معها, يترتب على ذلک سلوکيات سلبية تضر به وبمن حوله.
ولقد عنيت نظريات التصميم مثل النظرية السلوکية وغيرها بمدى تأثير تصميم البيئة الداخلية على المستخدم والتخفيف من حدة السلوکيات السلبية المصاحبة لبعض الإعاقات مثل مرض التوحد, وذلک بهدف خلق بيئة مناسبة لهؤلاء الأفراد وخاصة الأطفال, حتى يتمکنون من التکيف مع بيئتهم والإعتماد على أنفسهم ,والإنخراط في المجتمع والتخفيف عن أسرته عبء المسئولية الکاملة عنه, ومع ذلک کان اهتمام المصممين بتطبيق تلک النظريات محدودا وانصب ذلک الاهتمام على تصميم بيئات التعلم وإغفال البيئة المنزلية.
يعانى أطفال التوحد من اضطراب حسي في جميع الحواس لديهم , منهم من يعانى من الحساسية المفرطة (HYPER-SENSITIVE) سواء بصرية أو سمعية..الخ . ومنهم من يعانى من نقص الحساسية الشديد (HYPO-SENSITIVE) في تلک الحواس , لذلک فإن ردود أفعالهم تختلف عن الشخص الطبيعى , على سبيل المثال صوت فرقعة بالون والذى لا يسبب أي ضررللطفل العادى قد يعتبر انفجارا بالنسبة لطفل التوحد , واللون الأحمرأو الأصفر والذى يعتبر مبهج بالنسبة للطفل الطبيعى قد يصيبه بنوبات غضب عارمة , والعکس فالبعض من أطفال التوحد يعانون من نقص شديد في حساسية تلک الحواس لدرجة الإعتقاد بأنهم فاقدى السمع ولا يرون الأشخاص المتحرکة من حولهم ويميلون للألوان الزاهية جدا, والتحدى الذى يقابل المصمم ينبع من عدم وجود حالتين متشابهتين في التوحد وينبغى التصميم لکل حالة على حدة, سنحاول في هذا البحث تقديم اقتراحات لتصميم الفراغ السکنى لمرضى التوحد.