لعل أهم ما فى الفن الحديث ، هو تخلص الفنان من القوالب القديمة والتحرر من الإلتزام بنقل العالم الخارجى کما يبدو له من الرؤية العادية، والبحث عن کيفية خلق نتاج خاص وجديد، وعلى هذا اکتسب العمل الفنى فى فترة الحداثة قيمة ذاتية وتخطى النموذج المثالى لعصر النهضة، فالفنان يحمل العالم فى داخله فيعيد صياغته ويقيمه ويخرجه للعالم بشکل جديد يخصه ، وحتى ان حاول الفنان استنساخ ما يراه امامه فى الطبيعة فلا يستطيع منع نفسه من الإضافة والحذف وترک بصمته الخاصة ، وأن أهم شئ هو الإبداع والابداع هو کل شئ. وقد وقع الإختيار على هؤلاء الأسماء " بيکاسو وسيزان وماتيس" لما لهم من بصمات قوية فى عالم الفن والتصميم ،حيث کان لکل منهم معالجات مختلفة عن الواقع المألوف ، فقد بحثو فى جوهر الأشياء والبعد عن مصدر الإلهام من خلال الأنفعالات الداخلية العميقة للفنان ،الذى يکتشف علاقات جمالية وقيم تشکيلية جديدة من خلال المساحات والخطوط والتنوعات اللونية ،فقد استطاعو على مدى سنوات من انتاجهم الفنى ما يسمى "بالموجز الشکلى" ، ويأتى عن ذلک التجريد البليغ لمخزونات الرؤية ، بحيث يبدو الشکل لديه وکأنما فقد صلته بالأصل ، وتوالدت من أشکال جديدة داخل عوالم جديدة ،وهى محصلة خبرات الفنان ولغته الخاصة المنفردة ، فالفن مهما تنوعت أصنافه ومدارسه فهو يعبر عن تصورات الفنان وانفعالاته ومجمل تجربته وخبراته وما يحمله فى داخله من تجارب وخبرات الفنانين السابقين عليه ، وتکون أصالة الفنان نسبية لا تنحصر فى ابتکار أفکار جديدة بقدر ما تنحصر فى التوليف بين أفکار قديمة أو إدخال بعض التعديلات على ما انحدر اليه من طراز أو طرز فنية .