ارتبط المسلمون على مر التاريخ بالمسجد، ولم يقتصر المسجد على کونه فقط مکانًا للعبادة، أو مکانًا لاداء الصلاة، بل شکل بعدًا اجتماعيًا وسياسيًا للمجتمع المسلم. کما کان بمثابة رمزا للانتماء والهوية، وعلي مرالتاريخ الإسلامي، کان المسجد أهم مبنى داخل أي مجتمع أو دولة من دول الاسلام . وحيث بدأت اي دولة إسلامية أو استقرت في أي جزء من العالم، کانت الخطوة الاولي هي إنشاء مسجد يرمزلأهمية الإسلام کدين وکدولة، بدءًا من النبي محمد (ص)، والمسجد الأول في المدينة المنورة أثناء الهجرة إلى مجتمع جديد يؤسس فيه اللبنة الاولي للدين والدولة المسلمة الجديدة.
تناقش هذه الورقة وتتناول بالرصد والتحليل الدور الذي يلعبه المسجد - بشکل معاصر - کفراغ عام على مستوى المدينة، وکيف کان له دورا محوريا وهاما في حياة المسلمين في الماضي والحاضر، وکيف اختلفت بعض الوظائف، ليس فقط کمجرد مبنى ديني تمارس فيه العبادات، ولکن أيضا کمبنى يخدم العديد من الوظائف الأخرى التي تتعلق بحياة المجتمع المسلم. وترکز الدراسة علي رصد وتحليل لبعض المفاهيم النظرية ثم تتناول نماذج من بعض الحالات الدراسية المختارة إقليمياً ومحلياً، والتي تتعامل مع المساجد کفراغات عامة تلعب دوراً هاما ومحوريا في حياة المجتمع المسلم، ليس فقط لدورها کمباني دينية مخصصة لعبادة الله عز وجل، بل يمتد دورها ليشمل نواح اجتماعية، تعليمية، تجارية، ترفيهية وسياسية، مما يؤثر بشکل عميق على حياة المسلمين اليومية علي وجه الخصوص وعلي حياتهم علي وجه العموم.
ويتم تناول المعلومات بالتحليل من منظور معماري وعمراني، ما يؤدي إلى مجموعة من الاستنتاجات التي تتم مناقشتها من أجل الوقوف علي مزيد من التأکيد على أهمية المسجد لکونه فراغا عاما هاما على مستوى المدينة.