حينما يتعانق الجمال الفنى مع التاريخ فى أول يخت مصرى ملکى هو اليخت "محروسة" أشهر وأهم اليخوت على مستوى العالم، کونه شاهداً على أحداث تاريخية هامة جعلته يحتل مکانته بجدارة فى صفحات التاريخ، هو ليس فقط يخت تاريخى بل هو تحفة فنية رائعة الجمال لمن أراد أن يتذوق الجمال. ونحن بحاجة إلى العودة لتراث مصر الفنى وتأصيل القيم الحضارية لهذا التراث بعد أن فقدت العمارة المصرية شخصيتها المميزة عبر العصور.
والتصميم الداخلى والأثاث لليخت من الداخل کان له فلسفة خاصة جدا؛ فقد تم تصميم قاعاته المتنوعة بلمسات من کل الحضارات المختلفة التى ازدهرت على أرض مصر بداية من الحضارة المصرية القديمة والإسلامية وغيرها فى مزيج فنى يحکى تاريخ مصر المحروسة.
ويعتبر يخت "محروسة" من أکبر القصور العائمة فى العالم نظراً لفخامته الشديدة فى تصميمه الداخلى ومقتنياته الفاخرة من أثاث بديع ولوحات وقطع فنية نادرة، وتأتى أهميته التاريخية حينما شارک فى افتتاح قناة السويس لأول مرة فى نوفمبر عام 1869 وکان أول عائمة بحرية تبحر فيها، وقد مر عليه العديد من الملوک والرؤساء والشخصيات التاريخية الهامة؛ حيث کان واجهة مصر فى المحافل الدولية. وسطع نجمه من جديد فى أغسطس عام 2015 فى افتتاح قناة السويس الجديدة. وقد جاءت هذه الدراسة لإلقاء الضوء على هذا المزيج الفنى الرائع والإستفادة من هذا الموروث الحضارى النادر وإدراک القيمة الفنية والتاريخية له، وبخاصة فى تلک الحقبة من تاريخ مصر التى مثلت فى مضمونها نقطة تحول وفترة انتقالية بين الفنون الکلاسيکية والفنون الحديثة مثلما کانت نقطة تحول فى تاريخ مصر حيث شهدت على زوال الملکية حينما أقلت آخر ملوک مصر إلى منفاه الأخير وبداية عهد جديد فى مصر.