تمثل الجدليات جزءاً أصيلاً من الإشکاليات التي يتعامل معها الفن التشکيلي المعاصر في ظل تغير المفاهيم التي يتعامل معها الفنان من خلال العمل الفني، حيث تتشارک أغلب الأعمال الفنية التشکيلية التي تنتمي للفنون المعاصرة في التعبير عن الفکرة المؤلفة للعمل الفني من خلال التعامل مع العناصر المادية والحسية التي يتم التواصل من خلالها مع المتلقي، فقد أصبح الفنان يعتمد بشکل أساسي على الفکرة کعنصر بنائي للعمل الفني، ويتضح ذلک من خلال محاولة العديد من الفنانين في تقديم رؤية أو فلسفة فکرية لأعمالهم الفنية لکي يتمکن الجمهور المتلقي من فهم الفکرة التي إعتمد عليها الفنان في صياغة البناء التشکيلي لعمله الفني. وقد تزامن ذلک مع إطلاق مجموعة من المتغيرات والمفاهيم الفنية والتقنية والأسلوبية التي طرأت على ساحة الفن المعاصر، والتي بدورها أدت ضمناً إلى نشأة إشکالية جدلية تتمثل في ماهية العناصر البنائية التي تتحکم في مسيرة العمل الفني، وبناءه التشکيلي، حيث أصبحت الأعمال الفنية المعاصرة التي تعتمد على الفکرة في البناء المادي للعمل تحتاج إلى أن يکون ذلک المضمون الفکري صالحاً للتعبير بشکل مادي عن شکل العمل الفني، وأن يکون المضمون الفکري أيضاً ظاهراً من الناحية المادية والحسية في العمل الفني.
فيما يهدف البحث إلى الکشف عن الأبعاد الجدلية وإمکانات التوافق بين العناصر البنائية المادية والفکرية في العمل الفني التشکيلي المعاصر. بينما تکمن مشکلة البحث في السؤال عن إمکانات تحقيق التوافق بين العناصر البنائية المادية والفکرية في الأعمال الفنية التشکيلية المعاصرة؟. وتظهر أهمية البحث في دراسة إحدى أهم الإشکاليات الجدلية الخاصة بالأعمال الفنية التشکيلية المعاصرة، من خلال البحث في التيارات الفنية المعاصرة، وانعکاسات مبادئها على العناصر البنائية للعمل الفني التشکيلي المعاصر.