إن الفن ظاهرة إنسانية يتم تمثيلها رمزياً، بأشکال تعکس ثقافة الفنان وثقافة المجتمع الذي يعيش فيه، و هو أداة اتصال ومشارکة وجدانية، ويقوم بدور جوهري في الحضارة البشرية، ويرتبط الفن بروح الثقافة العامة لعصره، فهو يمثل جزء من التعبير الثقافي لذلک العصر. فيتحدث الفن في کل مکان وزمان عن المضـامين، وعـن المعـاني المخفيـة، والمفـاهيم المخبـأة تحـت الاشـکال الظـاهرة، وعـن أفکار الفنانين و هموم الانسان و عقائد الشعوب و تصورات کل عصر، وعن ثقافة المجتمعات، فالفن في کـل زمـان و مکـان يثير التساؤلات ويحرک العقول بحثاً عن التفسيرات والمقترحات الباحثـة عـن المضـمون والـذي يخضـع بـدوره لتغيـرات مسـتمرة عبـر التاريخ تبعاً، الأمـر الـذي يسـبب تغيـر وتبـديل منظومـات القـراءة أو تغيـر ثقافـة وفکـر المجتمعـات وظروفهـا الاجتماعيـة والحياتيـة، وتعد الفنون الشعبية أحد مصادر التراث التي لاتزال تتوارث جيلاً بعد جيل، فهي تعبير مباشر عن واقع الشخصية المصرية، بکل ما تحوي من عناصر اصيلة تعبر عن بنية ومعالم هذه الشخصية في صدقها وواقعية قيمتها الإبداعية ومقوماتها الفکرية. فإن دراسة الفن بوجه عام والتراث الشعبي بوجه خاص يجعل هناک صعوبة في النظر إليه کحلقات متصلة من الحضارات تؤثر وتتأثر ببعضها البعض،ولذلک فإن الدراسة التتابعية لرموز التراث الشعبي تؤکد على دعم عمليات التسلل المنطقي في تعلم ودراسة تاريخ الفن في سياق متصل، الأمر الذي يقود إلى تحول أسـاليب إدراک المحتـوى وفهـم المضـامين والسـبل التـي تقـود اسـتخلاص مـدلولات الخطاب البصري في التراث الشعبي، حيث أن تغير وتنوع وتبديل اشکال واصناف الدوال لابد ان يقود إلى تنوع وتبدل المدلولات. والدراسة المطروحة هنا تناقش إمکانية الکشف عن التطور الدلالي للرموز البصرية في التراث الشعبي المصري وارتباطها بثقافة العصر ومضمونه الجمالي.