تعتبر رحلة ابن رشيد من الرحلات العلمية واهتمامه منصب على علم الحديث الذى کان محور الطلب فى ذلک الوقت، علاوة على العقيدة والفقه والأدب والسيرة والتصوف واللغة والشعر وإبان طريقة التلقى سواء کان سماعا أو مناولة أو قراءة إضافة إلى تسجيله لأسماء الکتب المقروءة والمسموعة وابراز أهم المصنفات التى کان يخص أخذ الاجازات منها عليه لبنيه واخوانه کما أشار إلى تحديد أماکن الدرس والعلم التى لم تکن قاصرة على مکان معين بل نجدها فى منازل الفقهاء والحوانيت ومنازل العلماء وحتى فى الطرقات او اى مکان يمکن ان يلتقى بشيوخه .ومما لاشک فيه أن مثل هذا السفر ليس سوى قسم من برنامجه العلمى الذى ذکر فيه شيوخه ومن لقيه من المسندين والحفاظ والمحدثين والفقهاء والمتکلمين والنحاه والأدباء والرواة ونحوهم فى کل مکان، أو بلد حل به أو مکان زاره ونجد أن جل اهتمام ابن رشيد کان منصبا على الجانب العلمى فى المقام الأول ومن ثم نجد رحلته عامره بالبحث عن الرواة والاتصال بالعلماء والقراءة عليهم والسماع منهم والحصول على الإجازات الخاصة والعامة لصاحبها ولبنيه وأخواته ولمن ذکر فى الاستدعاءات المختلفة کما کان ابن رشيد يتردد طوال فترة اقامته القصيرة بالإسکندرية على مجالس العلماء حيث التقى بهم فى المساجد والمدارس والمنازل والدکاکين ارضاء فى رغبته فى طلب العلم ومن ثم فقد کانت رحلة ابن رشيد السبتى إلى مدينة الإسکندرية عام 684هـ / 1285م بمثابة صورة حية ناطقة تعکس النشاط العلمى والثقافى لهذه المدينة کما أثبت في هذه الرحلة کافة الکتب المقروءة والمسموعة والمصنفات التى أجُيز بها فى مختلف العلوم والفنون وتعد رحلة ابن رشيد من اهم هذه المؤلفات على الإطلاق نظرا لما تحتويه من سير للعلماء والمحدثين والفقهاء والأدباء واللغويين والذين التقى بهم ابن رشيد وتعلم على ايديهم وأخذ الإجازة منهم فى الإسکندرية عام 684 هـ / 1285م وقد تضمنت رحلة ابن رشيد صورة للانتاج العلمى والثقافى والفکرى لکبار علماء مدبنة الإسکندرية فى اواخر القرن السابع الهجرى / الثالث عشر الميلادى .