مما لا شک فيه أن المدخل الأول لإدراک العمل الفني لا يتم إلا من خلال الرؤية البصرية فهي الجسر الأول بين الفنان والمشاهد علي حدًا سوا، ولموضوع الظلال في مجال الفن التشکيلي تاريخ طويل، فإختلف تناول الظلال داخل العمل الفني من عصر إلي آخر، حيث تمثل دورًا هامًا ورئيسًا في بناء الصورة وإدراک العمل الفني، وقد أدرک الفنانون هذه الحقيقة مما أدي إلي تنمية قدراتهم الإبتکارية وبلوغها أبعادًا جديدة، فاستولت الظلال علي إهتمامهم وخيالهم وأصبحت فکرة فنية يعيد الفنان ترکيبها وتحليلها وفق مفاهيمه الخاصة التى تفرض على الظل شکلاً جماليًا جديدًا له، وأصبح الفنان يضفى تصوراته الخاصة بمفهومه بالظل وما يحمله من العلوم والتقنيات والمفاهيم الخاصة بنظرته للفن عندما يتناولها داخل عمله الفني، ليصنع من الظلال عنصرًا تشکيليًا مبتکرًا يلعب دورًا في بناء العمل الفني وتکوينه بل أصبحت لها شخصية أکثر إستقلالا وأعظم إتساعًا، تدعو الأخرين إلى رؤيتها وقراءتها وتنمية الوعي البصري لديهم.
وتناول البحث مفهوم الظل والتشکل بالظلال مع عرض تصنيف يعبرعن تنوعها لتدعيم الإختلافات الفنية الموجودة بينها من حيث نشأتها وشکلها وأثر مصادرالإضاءة علي الظلال، وکيفية إخضاع تلک المکونات في علاقات متنوعة تحقق توافق وتضاد وتباين ناتجة عن توظيف الإمکانات التشکيلية للظلال، وإنعکاس ذلک علي دينامکية العمل الفني وجمالياته، ويؤکد البحث الحالي علي أن الظلال يمکن أن تکون هي موضوع اللوحة، والبطل الوحيد المنفرد الذي له السيادة داخل العمل الفني، کما تناول البحث مختارات من الأعمال الفنية استخدم فيها أسلوب التشکل بالظلال والوقوف علي التنوع الموجود في شکل الظل وتوضيح تفرد کل فنان بمعالجته الفنية الخاصة للتشکل بالظلال داخل الموضوع بشکل يحمل رؤية جديدة مغايرة يتحقق من خلالها قيمًا جمالية.