إذا کانت الثقافة تشمل المحتوي الفکري، فالتصميم يأتي في مقدمة المعالم الثقافية التي تحمل قدرة على ﺘﺠﺴﻴد ﻗﻀﺎﻴﺎ قومية أصيلة، ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ التشکيل التصميمي الذي يلعب دورا بارزا في الوصول إلى هوية محددة تعکس الواقع الثقافي. وفي نطاق نشر الوعي الثقافي والقومي تعد المنشآت الثقافية من متاحف ومراکز ثقافية أهم منابر تسليط الضوء على مراحل تطور الحياة ودعم قنوات الإتصال مع العالم، وجذب الإنتباه الى قضايانا العربية، حيث يعتمد تصميم هذه المنشآت ليس فقط على الأسس الوظيفية بل يتعدى ذلک إلى إثراء الفلسفة التصميمية بمحددات فکرية لها القدرة على التأثير السيکولوجي على مرتادي هذه المنشآت، وقد ظهرت بعض النماذج العالمية التي تستخدم الأساليب التصميمية غير النمطية، وإتباع إتجاهات فکرية غير تقليدية تعتمد على إبداعات تشکيلية جديدة مثل عمارة الصدمة، والتصميم مسار الجدل لإستحداث تشکيلات إبداعية ذات مؤثرات سيکولوجية وخلق لغة حضارية تحتضن التراث الفني، والتاريخي وتعبر عن الإنسانية، ومسيرتها، في صورة جديدة تبتعد عن إسلوب التلقين. ومن هذا تتمحور إشکالية البحث في جدلية الخلاف القائم حول توجهات العمارة غير المألوفة بين سيطرة فکر الإبداع التشکيلي على ﺍﻟﻨﺘﺎﺝ التصميمي في العالم العربي وعدم القدرة على التعبير عن ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺯﻣﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ وتصميمية نتيجة إغفال دور الحلول غير التقليدية في إمکانية التأکيد على الهوية، والتأثير البصري والتشکيلي على المتلقي، بالإضافة إلي تجسيد التأثير السيکولوجي على مرتادي هذه المنشآت للتفاعل مع القضايا العربية. کما يهدف البحث إلى الکشف عن مدي فاعلية الإسقاط الرمزي للقيم والرسائل الخفية وراء التصميم، وإيجاد العوامل المحددة لطبيعة الجدلية القائمة بين المعطيات التصميمية، والتأثيرات السيکولوجية. ويشتمل البحث علي دراسة نظرية قائمة علي منهج الوصف والتحليل للمفاهيم الخاصة بمحاور البحث، ودراسة تحليلية تشمل دراسة حالات لمنشآت ثقافية تتناول القضايا القومية بالتحليل والدراسة. وينتهي البحث بنتائج وتوصيات قابلة للتطبيق من خلال وضع قائمة بالمعايير التصميمية للإستفاده من الأساليب الفلسفية لإتجاهات العمارة غير التقليدية وفنون الصدمة لخلق مجال تفاعلي إيجابي مع القضايا العربية