لقد إستخدمت حرفة الفسيفساء قديما في تشکيل تصميمات متنوعة تعبر عن قيم دينية وحضارية وفنية بإسلوب فني مؤثر. وأکبر شاهد على ما أنتجته هذه الحرفة هو الفن الإسلامي الزاخر بتصميمات ذات طابع خاص ومنفذة بدقة وحرفية عالية تظهر في تصميم أرضيات وجدران وأسقف المساجد والمساکن القديمة . وبمرور الوقت اندثرت حرفة الفسيفساء ولم يعد لها شأن عظيم کسابق عهدها في معظم الدول العربية الإسلامية وتراجع دور الحرفيين والأيدي العاملة الماهرة في فن الفسيفساء. قد يرجع ذلک إلى تغيير الذوق العام والاتجاه إلى البساطة والتصميمات المعاصرة.
ويحمل مصمم الأثاث العربي على عاتقه مهمة تأکيد الهوية الحضارية والدينية الاسلامية بصورة تمتزج مع روح العصر الحالي من خلال تقديم أفکار تصميمية جديدة. فمن الممکن لمصمم الأثاث إحياء حرفة الفسيفساء من خلال توظيفها في تصميمات أثاث معاصرة تعمل على تعظيم الهوية الاسلامية. لذا يهدف هذا البحث إلى وصف وتحليل بعض أعمال الفسيفساء قديما وحديثا ورصد ظاهرة إندثار حرفة الفسيفساء في بعض الدول العربية الاسلامية . وتقديم أفکار تصميمية لقطع أثاث معاصرة تعتمد على إستخدام الفسيفساء کمحدد تصميمي أساسي في تکوينها ، ودمجها مع التکوينات و الخطوط والزخارف الاسلامية بطريقة تتناسب مع فکر وثقافة وذوق العصر الحالي .
ويهتم البحث بالتأکيد على الدور الحيوي الذي يلعبه مصمم الأثاث في تعظيم الهوية الإسلامية ، والخروج من حيز التقليدية في حرفة الفسيفساء وتأکيد وجودها، وإعادتها بقوة إلى مجال صناعة الأثاث. وقد قامت الباحثة بتقديم بعض الأفکار التصميمية المعاصرة لأثاث يحمل الهوية الإسلامية باستخدام الفسيفساء. إلى جانب تحليل الرؤية الفلسفية لهذه التصميمات وما توصلت إليه من نتائج تناقش القيم التي تحققها کالقيم الجمالية، والقيم التراثية، والقيم الدينية، والقيم البيئية، والقيم التکنولوجية.