إن نظرة واحدة للبيئة المحيطة بنا، وما تضمه من عناصر بصرية، کافية لجعل مصمم النحت المعماري يوليها أهتماما خاصا، حيث تعتبر عناصر البيئة البصرية من محفزات الإبداع لدى المصمم، والذي يستطيع تنميته من خلال تنمية مهارات الرؤية لديه، وکذلک عمليات التفکير البصري المرتبطة بها، وما تعکسه من تأثير فعال على خيال المصمم، ليصبح في النهاية قادرا على إبداع تصميمات غنية وأصيلة، من خلال مجموعة من العمليات العقلية المرتبطه بشکل اساسي بمهارات التفکير البصري، وکذلک الانفعالات الشخصية المتعلقة بکل مصمم، والتى لها في حد ذاتها دورا هاما في صقل مهارات المصمم المختلفة.
تمثل العمارة الإسلامية، وما تضمه من عناصر نحتية معمارية، انعکاسا واضحا لمهارة الفنان المسلم، وقدرته على تأمل البيئة المحيطة، سواء کانت طبيعية ، أو معمارية، وانعکاس ذلک على ما لديه من مهارات الإدراک البصري، مما ساهم بشکل کبير في تنمية مهاراته المتعلقة بالتفکير البصري، وهو ما تمثل بوضوح في تأثره ببيئته المحيطة، وعمارة الحضارات السابقة، في تصميم هذه العناصر المعمارية النحتية، حيث استطاع من خلاله تأمله لعناصر بيئته الطبيعية، استلهام تصميمات جمالية مبتکرة مميزة لعمارته النحتية المبدعة، تحمل بين طياتها مفردات الإسلام، وروحانياته.
إن هذا البحث يناقش الدور الهام الذي يلعبه التفکير البصري، والعمليات العقلية المتعلقة به، في تنمية العمليات الإبداعية لدى مصمم النحت المعماري، وذلک من خلال دراسة العناصر النحتية المعمارية في العمارة الإسلامية، وکيفية استلهام الفنان المسلم لها، عن طريق تأمل بيئته المحيطة بکل تفاصيلها، والتعامل معها بصفتها مثيرات بصرية، وانفعالية، تحفز خياله، وتثري أفکاره، وترتقي به، وتجعله أکثر نضوجا من الناحية التصميمية، لتفتح له بذلک مجالا واسعا يساعده في النهايية على إعادة صياغة هذه العناصرا في تصميمات نحتية معمارية أصيلة.