يعد التعبير شکلاً مادياً في التصميم وهو حالة من الإظهار لأمور غامضة أو خفية او کلية الوجود بمعنى أن لها وجودها الکلي في عالم القيم والأفکار وليس لها کيانات فيزيائية أو مورفولوجية تمثلها فيأتي التعبير بمعنى التمثيل الجزئي لها في عالم الواقع، ويتراوح التعبير بين الإفصاح البليغ المباشر وبين الرمز والإيحاء.
ومن هذا المنطلق صارت القيم الروحانية للعقيدة الإسلامية مادة دسمة تشغل المصمم المنوط به تصميم المسجد المعاصر، وأصبحت جدلية الخلاف قائمة حول قصور التصور الموضوعي والمعرفي للعوامل المرتبطة بعمارة المساجد التقليدية وتأثيراتها في عمارة المساجد المعاصرة من خلال آليات التعبير الرمزية ذات التوجهات الحديثة المواکبة لعولمة التصميم المعماري ککل. فبعضها تطرق إلي الطراز بمحدودية الشکل والتشکيل، وبعضها تعمق في بحث واستقراء الجانب المورفولوجي الرمزي المعبر عن العقيدة بمفهومها الکامل في ظل العولمة. ومن هنا تتمحور إشکالية البحث في جدلية الخلاف القائم حول توجهات عمارة المسجد المعاصر بين سيطرة المنظومة الطرازية من حيث التجسيد الشکلي والتشکيلي للمسجد التقليدي، وبين التجسيد الرمزي للقيم الروحانية المنبثقة من العقيدة الإسلامية في ظل العولمة التصميمية کلغة تعبيرية مشترکة. ﻣﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺯﻣﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ وتصميمية نتيجة إغفال دور الحلول غير التقليدية في إمکانية التعبير عن الروحانيات. کما يهدف البحث إلى الکشف عن مدي فاعلية المماثلة الرمزية للقيم والرسائل الخفية وراء التصميم، ورصد العوامل المؤثرة في توجهات تصميم المسجد المعاصر من معطيات تصميمية وقيم روحانية متعلقة بالعقيدة، والتي تسهم بشکل ما في ترسيخ الصورة الإيجابية المثالية للعقيدة الإسلامية ونشر القيم الإنسانية التي يدعو إليها الدين الحنيف. ويشتمل البحث علي دراسة نظرية قائمة علي منهج الوصف والتحليل للمفاهيم الخاصة بمحاور البحث، ودراسة تطبيقية تشمل دراسة نماذج لمساجد معاصرة بأنماط متنوعة لتقصي فاعلية آليات التعبير بإستخدام الرمز في تجسيد القيم الروحانية العقائدية بصورة تواکب العولمة التصميمية مع عدم إغفال عوامل االسمات المورفولوجية للطراز الإسلامي للمسجد. وينتهي البحث بنتائج وتوصيات قابلة للتطبيق من خلال وضع قائمة بالمعايير التصميمية للمسجد المعاصر.