تتمثل أهمية الدراسة في الاهتمام بمجال المعارف الشعبية وهو مجال لم يحظ باهتمام کاف من قبل الدارسين. فبينما اهتم الدارسون –غالبا- ببعض مجالات وموضوعات التراث الثقافي غير المادي الأخرى کالعادات، والمعتقدات، والفنون الشعبية تضاءل الاهتمام بهذا المجال –على المستوى المحلي على الأقل- وذلک على الرغم من أهميته ونفعيته لمعظم الأنشطة الحياتية الإنسانية. وتهدف الدراسة إلى توجيه الانتباه إلى أهمية دراسة المعارف الشعبية في کافة أنماط مجتمعاتنا المحلية العربية تمهيدا للاستفادة منها في تحقيق أهداف تنموية؛ لذا تسعى الدراسة إلى رصد وتحليل وتفسير المعارف الشعبية لدى بعض صيادي البحيرات کنموذج يوضح أهمية وعمق هذه المعارف، وأهمية حفظها وصونها لما تتضمنه من قيم ومعان ومهارات تسهم في تحقيق التنمية. وتنطلق إشکالية البحث من أن معظم الأنشطة الإنتاجية عامة قد استعانت بتکنولوجيا لتطوير وتوفير الوقت والجهد المبذول في عملية الإنتاج، بينما حافظت بعض مجتمعاتنا المحلية علي معارفها الشعبية، وأدواتها لکونها الأکثر ملائمة لإيکولوجيا المکان في تلک المجتمعات. وفيما يتعلق بالمعارف الشعبية الخاصة بنشاط الصيد البحري نجد سکان المجتمعات المعتمدة علية محکومون بمساحات وأعماق محددة وبنوعيات من الأسماک والکائنات البحرية منحتهم إياها طبيعة وإيکولوجية مجتمعاتهم وهو ما يدفعهم إلي الاستعانه بأدوات صيد تقليدية هي الأکثر ملاءمة لطبيعة بيئتهم. وتتحد إشکالية البحث في دراسة المعارف الشعبية المرتبطة بنشاط الصيد البحري في البحيرات بإحدى القرى المصرية، وذلک في ضوء علاقة مفاهيمية بين مفاهيم المعارف الشعبية، والايکولوجيا، والأنطولوجيا، والصيد البحري. وتتمثل منهجية البحث في الاهتمام بالأبعاد الايکولوجية وأنطولوجيا المعارف الشعبية، واستخدام المنهج الأنثروبولوجي بأدواته وأهمها الملاحظة، والإخباريين، والمقابلات المتعمقة لدراسة حالات من الصيادين في واحد من مجتمعاتنا المحلية المصرية. وينقسم البحث إلى جزئين يتناول الأول منهما منهجية البحث وتتضمن أهم المفاهيم، وأدبيات المعارف الشعبية في الصيد، والمنهج الأنثروبولوجي وأدواته. ويتناول الجزء الثاني نتائج الدراسة الميدانية مقسمة إلى معارف شعبية خاصة بأنواع الأسماک وأماکنها، ثم معارف عن الظواهر الکونية المؤثرة في نشاط الصيد.