إن ما تشهده المجتمعات الإنسانية فى عصرنا الحالى من ثورات علمية وتکنولوجية نتج عنها العديد من المتغيرات والتطورات السريعة والمتلاحقة، الأمر الذى يفرض نفسه على مجال الإعلان لمواکبة هذه التطورات التى يمر بها الأفراد فى حياتهم، فالمتلقى أصبح فى حاجة لأن يرى إتجاهًا جديدًا فى الإعلان يدعوه للتفکير والتأمل ويستحوذ على اهتمامه فى ظل الثورة الهائلة للإعلانات.
ويُعد تقديم الأفکار المبتکرة من أصعب المراحل فى تصميم الإعلان نظرًا لضرورة قيام مصمم الإعلان بالإطلاع والبحث عن معلومات وأفکار معتمدًا على خبراته السابقة، فالفکرة الابتکارية غير المألوفة فى الإعلان هى نتاج عملية معقدة من التفکير من عقل واعى له أسلوب خاص فى إدراکه للبيئة والثقافة المحيطة به وأسلوب خاص فى التعبير عما بداخله وإلا فلن تصل للجمهور المستهدف.
ويقدم البحث رؤية جديدة لتوظيف استراتيجية المتناقضات وعرضها بشکل يواکب التغيرات الثقافية والمجتمعية المتلاحقة لمتلقى العصر الحديث، حيث يقدم الإعلان للمتلقى المشکلة والحل فى مضمون إعلانى واحد مما يضمن سهولة وصول الرسالة الإعلانية للمتلقى بالشکل الصحيح.
فالمتناقضات درب من دروب الإبداع التى تضفى تميزًا على الإعلان وفى هذا العصر المزدحم بالإعلانات يبحث المصمم دائمًا عن معالجات جديدة للفکرة لکى يجعل الإعلان يظهر بمظهر مختلف قادرًا على جذب انتباه المتلقى، ويحقق مستويات أعلى من القدرة على استرجاع الإعلان وتذکره، ومن ثم التأثير على إتجاهاته.
واستراتيجية المتناقضات هى استراتيجية إبداعية تعتمد على الجمع بين عنصرين متناقضين أو عنصرين ليس من المنطقى الدمج بينهم، مما يجعل المتلقى يستدعى قدراته الذهنية لتفسير الرسالة الإعلانية ويجب أن يتم التفسير دون وجود خلط فى فهم الرسالة الإعلانية، وتعتمد هذه الاستراتيجية على امکانية الاستفادة من نقيض الشئ المألوف وفعل وتقديم عکس ما يتوقع الآخرين سواء من نتائج أو معلومات أو علاقات بين العناصر من أجل مفاجأة المتلقى، فالعناصر الغامضة والمتناقضة تُحفز الإثارة ويکون لها تأثير ممتع عندما يتم حل شفرة المعنى الخفى.