على مدى العصور شهدت مصر العديد من التغيرات في العمارة والتصميم الداخلي والأثاث والتي تأثرت فيها بالکثير من العوامل الخارجية، فقد کان عهد الخديوي إسماعيل من أبرز التحولات في العمارة والتصميم الداخلي والاثاث مقارنةً بباقي العصور في تاريخ مصر الحديث، فلم يحدث أن جاء من قبله والي أو حاکم له نفس الرؤية الحضارية والنهضة العمرانية الحديثة، التي استندت على رؤية أوروبية مستنيرة، حيث حاول أن يعيد مجد جده محمد علي باشا، ولکن على نسق حضاري متطور.
کان مشروع باريس الشرق الذي قدمه الخديوي إسماعيل الذي يحمل ملامح النموذج الغربي الأوروبي بشکل کامل أکبر الأثر في شکل الصورة البصرية المعمارية للقاهرة، حيث طغت عليها آنذاک الطرز الأوروبية. وبالرغم من تواجد الطرازين العثماني والمملوکي إلا أن الاتجاه الوافد الأوروبي قد انتشر بشکل کبير وواسع واتخذ شکلين أساسيين هما: أتجاه الاحياء المباشر والاتجاه الانتقائي.
وتم اختيار قصر عابدين لهذه الدراسة لاحتلال هذا القصر مکانة متميزة في تاريخنا، فهو منذ بدء انشائه ساهم في کتابة تاريخ مصر الحديث، شاهداً على أکثر من مائة عام حافلة بالأحداث السياسية والاجتماعية والفنية التي کونت جزء هام من ذاکرة مصر الحديثة، حيث يعد من أکثر القصور التي اشتملت علي أکبر عدد من الطرز المعمارية التي وفدت الي مصر خلال القرن التاسع عشر.
وفي هذا البحث سوف يتم دراسة الطرز الغربية الوافدة لمصر في تلک الحقبة التاريخية من خلال تحليل عناصر التصميم الداخلي لقصر عابدين.
وقد خلصت الدراسة للعمارة والتصميم الداخلي في مصر بإحياء مجموعة من الطرز الأوروبية مثل الباروک وعصر النهضة والروکوکو وغيرهم وامتد ليشمل إحياء الطراز الإسلامي. وقد تم تناولهم بالدراسة التحليلية لعناصرهم التصميمية والوصول الي بعض القواعد التي تکون الطرز التي وفدت الي مصر في القرن التاسع عشر التي يمکن ان يستخدمها المصممين في ما بعد کمرجعية للهوية التصميمية لتلک الفترة.