يلقى هذا البحث الضوء على التطبيق الحى و العملى للإتجاهات الفکرية و التصميمية المختلفة لعمارة ما بعد الحداثة کالإتجاه التاريخى، الإتجاه الإحيائى، الإتجاه المحلى، و کذلک اتجاه الخروج عن المألوف.. و ذلک من خلال بعض النماذج للعمارة الکنسية حول العالم و التى تمثل الطوائف المسيحية المختلفة، و التعرف على مدى ملائمة عمارة مابعد الحداثة و الحلول التصميمية التى من الممکن أن تقدمها لتنتج تصميم کنسي ناجح و عملى يواکب التطور و لا ينفصل عن الجذور و تطبيق ذلک فى التصميم المعمارى الخارجى للمبنى الکنسى وکذلک تصميم العمارة الداخلية للکنيسة بمحدداتها و مشتملاتها المختلفة من حيث المسطحات و الألوان و الخامات و قطع الآثاث.
و إن کان من الممکن إهمال أو إغفال الجانب التراثي أو التاريخي في المباني علي تنوعها و الوظائف المختلفة التي تلبيها_ بحجة مواکبة الحداثة و التطور لتنتج مبانٍ مجردة لا مذاق لها_ إلا أن هذا الجانب التاريخي و الروحي لا يمکن إغفاله في العمارة الداخلية و الخارجية للکنائس.. و ليس هذا معناه أيضاً إهمال للتکنولوجيا الحديثة و الأساليب التصميمية المتطورة.
وتقوم فلسفة ما بعد الحداثة کما بينها شارلز جينکس Charles Jencks على مفهوم الشفرة المزدوجة Double Coded أي أنها لون من ألوان المزاوجة بين الحداثة وغيرها من الطرز والأساليب والإتجاهات في محاولة لصبغ الحداثة باتجاهات النزعة الإنسانية، ومن ثم فإن الکلاسيکية في ما بعد الحداثة هي بمثابة مزج لغة کلاسيکية بالحداثة وليس انفصالاً عنها، يهدف خلق صورة بصرية تحقق التواصل بين المعماريين والعامة
و قد تم التطرق بالتحليل فى هذا البحث لبعض الکنائس فى أوروبا و أمريکا لما شهدته من تطور ملحوظ فى تطويع و استخدام مبادئ و اتجاهات عمارة ما بعد الحداثة بشکل ناجح. و مع انتشار التشابه فى التصميمات و تناولها إلى حد ليس بقليل فى تصميم العمارة الداخلية لبعض الکنائس القبطية، وجب علينا الالتفات للتجارب التصميمية الناجحة التى سبقتنا.