يشتهر مصلى جالا بلاسيديا براﭬينا، أو ما يعرف عالميًا بـ "ضريح" جالا بلاسيديا، بزخارف الفسيفساء الاستثنائية التى تُغطى أسطح جدرانه الداخلية. ويمثل دخول المصلى انتقالًا مثيرًا من المظهر الخارجى المتواضع إلى الداخلى المفعم بالعظمة والفخامة؛ فقد احتفظ المصلى بکامل برنامجه الزخرفى الداخلى وهو أمر غير شائع بالنسبة إلى المبانى التى تعود إلى العصور القديمة المتأخرة. ولا يزال هذا المصلى ذو التخطيط الصليبى يثير العديد من القضايا والتساؤلات التى يصعب الإجابة عليها بشکل حاسم نتيجة الإفتقار لأى توثيق معاصر له، لذا تظل محض الافتراض. ويعد تفسير فسيفساءات القبو المرکزى للمصلى أحد أهم القضايا التى لطالما شغلت الباحثين على مر السنين نظرًا لغموض وتميز عناصرها فيما يتعلق بالتقاليد الأيقونوجرافية حينذاک، فهى السلف لموضوع زخرفى سيستمر بمرور الوقت فى الهياکل المسيحية المبکرة. وتتألف فسيفساءات القبو المرکزى من 567 نجمة ذهبية مُرتبة فى دوائر متراکزة على خلفية زرقاء داکنة، تدور جميعها حول صليب لاتينى ذهبى مُمثل فى ذروة القبو، فى حين تطفو، فوق رکام السحاب، فى منطقة المثلثات الکروية، هيئات نصفية مجنحة تمثل المخلوقات الحية الأربعة حول العرش الإلهى. ورغم کون القبة الزرقاء المُغطاة بالنجوم عنصرًا زخرفيًا معروفًا سواء من الفن الرومانى أو حتى من الفن المصرى القديم قبله، إلا أن مدلولها هنا مع إدراج الصليب الذهبى فى منتصف القبو لم يکن واضحًا، خاصة وأن مدلول الصليب نفسه مُختلف عليه ويعکس اتجاهه ناحية الشرق وعدم اتباعه لمحور المصلى العديد من المعان. لذا تهدف هذه الورقة البحثية لوصف وتحليل التکوين الفنى لفسيفساءات القبو المرکزى ومحاولة فهم مدلولات عناصره، ومقارنتها مع غيرها من العناصر الزخرفية الأخرى المماثلة سواء السابقة عليها من العصور المصرية القديمة والرومانية أو اللاحقة من العصر البيزنطى المبکر.