ارتبط الفن منذ قديم الأزل بالبيئة وبثقافة المجتمع، وقد سعى الفنانون فى کافة العصور لمسايرة التغيرات الفکرية و الفنية التى ارتبطت بتغير المفاهيم، الفلسفات و النظريات الجمالية، بدءاً من فنون الحضارات القديمة حتى فنون الحداثة و ما بعد الحداثة، التى أثرت بشکل مباشر فى تغيير المعيار الجمالى و نمط الذوق السائد و مفهوم القيمة الفنية.
فبينما کان اهتمام الفنان الحداثى منصباً على تحقيق الفرادة الشکلية و اللونية و قيم التکامل و التناسق، تأکيداً على مفهوم الأصالة و مبدأ الفردية. اتجه فنانو ما بعد الحداثة إلى الجماعية مع شيوع فکرة ممارسة العمل الفنى فى الطبيعة ذاتها، و قد إنهار التصنيف الفنى و أزيلت الحواجز بين مختلف المجالات الفنية والعلمية أيضاً، و ساد التعاون بين الفنانين من أجل إنتاج أعمال فنية جماعية مع الإهتمام بالفکرة فى مقابل الشکل، کما تميز فن ما بعد الحداثة بالترکيبات المفتوحة و بالجمع بين الأشکال المتنافرة و بالتجزئ و التفتيت.
وقد تأثر فن الخزف والشکل الخزفى کغيره من مجالات الفنون المختلفة بالمتغيرات الفکرية لفنون ما بعد الحداثة، والتى انتقلت به من حيز الشکل والجمال الوظيفى إلى ما هو أبعد من ذلک، حيث ساعدت الخزاف على الخروج من قيود التقنية الفنية إلى أبعاد جمالية وتشکيلية تساير فلسفة ما بعد الحداثة.
ومن ثم يتجه هذا البحث إلى دراسة المتغيرات الفکرية والجمالية التى صاحبت مرحلة ما بعد الحداثة وکيف ساهمت فى تغير الرؤية الفنية للتشکيل الخزفى المصرى لمواکبه المفاهيم المعاصرة، وهو ما يمکن الإستفادة منه فى مجال التدريس بکليات الفنون والتربية الفنية بوجه عام ومجال الخزف بوجه خاص، وذلک للحد من جدوى الطرق التقليدية فى فهم وخلق و تعليم الفن.