تعد وسائل الاتصال الحديثة وعلى رأسها فنون الکتاب من اهم الأفرع الرئيسية لفن الجرافيک الحديث، لما لها من أثر کبير في نشر العلم والثقافة والمعرفة، ودور خطير في توجيه الوعي والترويج للأفکار والمعتقدات، وتعد خطوط الکتابة من اهم عناصر التشکيل البصري في هذا المجال، حيث تجمع بين الجانب الوظيفي القرائي والجانب الجمالي الفني.
ولقد کان التشکيل بالخط العربي، "calligraphy"، فناً ملهماً ومميزاً، بجانب قيمته الأدبية الکبيرة، ومازال يحمل في طياته العديد من أسرار جمال التشکيل الفني، وذلک لما يمتلکه من سمات فنية جمالية خاصة، تميزه عن غيره من خطوط اللغات الأخرى، تلک السمات التي تجعل منه قيمة جمالية تثري أي عمل فني تشکيلي يتواجد به، وذلک لتفرده بسمات خاصة کالمطاوعة والمرونة والمد والاختزال والتشکيل.
ويتناول البحث سرداً تاريخياً عن بدايات التشکيل بالخط العربي في فنون الکتاب الحديث وتطوره، منذ استخدام الطباعة المُمَيْکَنة وحتى عصرنا الحالي، کما يسرد مجالات وأنواع فنون الکتاب الحديث، مع الإشارة الى العوامل التي تسهم في الارتقاء بصناعة الکتاب وتطوره، کما يتناول دراسة وتحليل بعض النماذج من هذه المجالات والأنواع -کالأغلفة والملصقات والبطاقات- والتي تم توظيف " التشکيل بالخط العربي " في صناعتها، مؤکدا على أهمية توظيف التشکيل الفني للخطوط العربية في إثراء صناعة فنون الکتاب العربي وتطورها، إضافة الى مساهمتها في الحفاظ على التراث والهوية الإسلامية، ومحاولة المساهمة في استکمال مسيرة وتطور الخط العربي الحضارية، التي بلغت أوجها في العصور الإسلامية السابقة، ومدى مقدرة الفنان المسلم على ابتکار وإبداع هذه النوعية من الأعمال الفنية، والتي تساهم في الارتقاء بالذوق الفني للجمهور، وتقاوم الذوبان في فنون لا تعبر عن هويتنا، ولا تتناسب مع ثقافتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا.