ارتبط فن النحت الجداري طوال تاريخه ارتباطاً وثيقاً بالعمارة, من حيث ارتباطه بالأحداث التاريخية أو الوظائف الدينية المرتبطة بعقيدة الناس وأماکن العبادة, کالمعابد والمقابر والقصور في الحضارات القديمة .
لذلک لم تنفصل الأعمال الجدارية عن العمارة عبر الحضارات والعصور المختلفة, ولکن أخذت علاقة النحت الجداري بالعمارة أشکالاً متعددة لکل منها تکوين له أسلوبه الخاص في هذه المعادلة, فکان من الطبيعي أن يتأثر کلاً منهما بالآخر, لذلک فإن فن النحت الجداري والعمارة کانتا دائماً الوجه الأکثر إشراقا من وجوه الحضارات الإنسانية عبر التاريخ.
ثم ظهرت الثورة الصناعية التي أدت إلي تغيير جذري في تقنيات الإنتاج من حيث الاستعاضة عن العمل اليدوي بالعمل الآلي, ومن ثم الانتقال من نظام التشغيل في المشاغل إلي نظام الإنتاج في المصانع, والانتقال أيضاَ من الآلات اليدوية إلي الصناعة الآلية الکبيرة.
فکان لتطور التجربة الفنية علاقة وطيدة بتطور العلم وتطور الخامات والتقنيات, ويعتبر فني النحت والعمارة من أکثر الفنون تأثراً بمعطيات التکنولوجيا والتقدم العلمي لارتباطهما بالعديد من المستجدات من الخامات والأدوات والآلات والعلاقة المباشرة بين الخامات والصياغات التشکيلية لها.
فأخذت العلاقة بين النحت الجداري والواجهات المعمارية أشکالاً وأنماطاً متنوعة نتيجة للتقدم العلمي و التکنولوجي، إلا أن مطلع القرن الحادي والعشرين جاء بنتائج معمارية تقنية متميزة، وإن کان المحرک الأساسي لها هو التفکير والفن إلا أن محصلة النماذج المعمارية المتميزة في هذا القرن کان اغلبها تعبيراَ صريحاَ عن الإبداع التقني.
وتظهر هذة الورقة البحثية دراسةلآثر الخامات والتقنيات الحديثة علي تطور شکل العلاقة بين النحت الجداري والواجهات المعمارية من خلال عرض مجموعة من النماذج المعمارية المعاصرة, حيث تتمثل أهمية البحث في تطوير الشکل الجمالي للنحت الجداري بالواجهات المعمارية باستخدام التقنيات الحديثة.