بعد أن کان الاتجاه نحو التخصصية هو السمة الغالبة على البحث العلمى، ظهرت فى الآونة المعاصرة بعض التوجهات التى تنادى بأهمية الدراسات التى تعتمد على التفاعل بين کافة ميادين المعرفة، فيما أُطلِق عليه اصطلاح "الدراسات البينية"؛ ذلک الاتجاه المعرفى الجديد الذى يهتم بالتداخل بين المعارف والتخصصات المختلفة والتکامل فيما بينها، الأمر الذى يؤدى فى نهاية المطاف إلى فتح آفاق معرفية جديدة ينتج عنها تحقيق الاستفادة للمجتمع.
ومن أمثلة تلک الدراسات الدمج بين فن الجرافيک ومجال التصميم الداخلى، ذلک المجال الذى يتسع لتطبيق العديد من هذه الدراسات. فالعصر الذى نعيشه الآن يتسم بسمة بارزة وهى الثورة المعرفية؛ بمعنى التنوع غير المسبوق فى کل مجالات المعرفة الإنسانية، والتطور السريع فيها. وتعمل هذه المعارف کمثيرات تنمى الإبداع والخيال، من مُنطَلَق أن ظهور الإبداع يعتمد على مدى توافر البيئة الغنية بالمثيرات. وهنا يأتى دور المصمم الداخلى فى التجاوب مع تلک المثيرات من حوله، ومنها فن الجرافيک الذى يُعَد أحد مثيرات الإبداع لدى المصمم الداخلى، بما يتسم به من قيم وظيفية وجمالية تسمح بالاستفادة منها فى مجال التصميم الداخلى، خاصةً وأن التصميم لا يُعَد فقط أحد مجالات الفنون، ولکنه يُعتَبَر أسلوب حياة؛ فهو طريقة لإيجاد الحلول المختلفة فى الأنشطة البشرية التي يمارسها الإنسان في ميادين الحياة المتعددة، لتبرز أهمية التفاعل فيما بين فن الجرافيک ومجال التصميم الداخلى لخدمة البشرية والارتقاء بها، حيث يحتاج المصمم لقوة إبداعية دائمة ومتجددة ليلحق بقاطرة التطور السريع فى هذا العصر، ويتأتى ذلک من إطلاعه على کل ما هو جديد فى المجالات المختلفة، ومحاولة الاستفادة منه.
ولهذا نستعرض فى هذه الورقة البحثية القيم الوظيفية والجمالية لفن الجرافيک، وکيفية توظيفها لإثراء مجال التصميم الداخلى.