يحتل المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة مکانة عظيمة في قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض، فهو ثاني الحرمين الشريفين، وأجر الصلاة فيه تعادل أجر ألف صلاة فيما سواه من المساجد عدا المسجد الحرام في مکة المکرمة. بُني على يد خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الکرام، ونزلت فيه سور عدّة من القرآن الکريم، وبين أرکانه عُينت روضة من رياض الجنة، وفيه تحدث عليه الصلاة والسلام بجم کبير من الأحاديث النبوية المطهرة، وتدارس صلى الله عليه وسلم أيضاً مع صحابته الکرام شؤون دينهم ودنياهم، ومن ثمَّ تأسست فيه نواة الدولة الإسلامية الأولى، ومنه خرجت أولى الغزوات والفتوحات في التاريخ الإسلامي، واستقبل فيه صلى الله عليه وسلم رسل الدول ووفود القبائل من العرب وغيرهم، وفي ثراه الطاهر دفن جسده الشريف، ودفن إلى جواره صاحباه أبو بکر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما، ونظراً إلى مکانة المسجد النبوي الدينية والروحية والتاريخية؛ حرص الخلفاء والسلاطين والملوک والنواب والأمراء وحتى عامة الناس، على الاهتمام ببنائه وتوسعته وزخرفته ونظافته وخدمته، طوال أربعة عشر قرناً من الزمن وإلى يومنا هذا.
يتناول البحث دراسة تاريخية أثرية؛ لإحدى الظواهر المعمارية التي استُحدثت في صحن المسجد النبوي بالمدينة المنورة في العصر العباسي، وعرفت باسم (قبة الخزينة) أو (قبة الزيت) أو (قبة الشمع). تناولت الدراسة نشأة القبة، ووظيفتها، ووصفها، وأبرز التغييرات التي طرأت عليها إلى اندثارها؛ ولتحقيق هذه الأهداف تتبع الباحث ما ذکره المؤرخون والرحالة والبلدانيون المسلمون والأجانب عن تلک القبة، وأبان البحث شرحاً ودراسة بعضاً من صور المخطوطات الإسلامية، ورسوم الرحالة الأجانب، التي أظهرت أبرز المعالم المعمارية للقبة قبل اندثارها. وعرض البحث سرداً لأهم الأمثلة على قباب الخزن وقباب الزيت التي شُيدت في صحون بعض المساجد الجامعة بالعالم العربي.
بدأ البحث بمقدمة، ثم مشکلة البحث، وأهميته، وأهدافه، ثم مصطلحات البحث، فمنهجه، فالدراسات السابقة، ثم إجراءات البحث، وخُتم بأبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة.