تعد الرمزية من اقدم وسائل التعبير البشري المعروفة و التي ربما سبقت ابتکار الکتابة بمراحل , فالرمز في المجتمعات القديمة کان نمطاً من أنماط التعبير عن النفس واداة مخاطبة بالغة الاختصار شديدة الإيجاز , و يتنوع و يتباين مفهوم الرمز وفقاً للتوجه الفني أو المعرفي الذي سيوظف فيه , کما يتغير شکلا و مضمونا باختلاف ارتباطه بمفاهيم و معطيات التوجه نفسه و تبعاً لارتباطه بعلوم مختلفة مثل السيمولوجي و الانثروبولجي و تاريخ الفنون و علم الجمال و غيرها من العلوم.
إن الرمز هو تحميل لمجموعة من القيم والمعتقدات الثقافية والفکرية و البيئية السائدة عبر علامة مختزلة ذات تمثيل بصري من خلال قوالب مختلفة بحيث يحوي مجموعة من الدلالات لمعنى محدد , و يلجأ المصمم للتعبير بالرمز تلبية لحاجات اجتماعية و ثقافية ونفسية و دينية مختلفة , و بمفهوم اخر يمکن القول أن الرمز هو "البديل المرئي عن واقعة أو موضوع أو شيء ما , حيث يحل محله ليمثل معنى اجتماعي أو فکري أو عاطفي کي يلعب دور المکافئ و المعادل الموضوعي للأشياء و الظواهر و المفاهيم التي يعبر عنها ليکتسب قدرته على القيام بوظيفة الاستعاضة أو الاستبدال".
إن تفعيل استخدام الرمز في تصميم النحت الميداني المعاصر بصفة خاصة يکتسب أهمية خاصة تتلخص في قدرته على اختزال و تبسيط الشکل و المضمون في العمل و ذلک وفقاً لطبيعته النحتية و الغرض الذي صمم إليه في علاقته بالبيئة المحيطة , أيضأ للرمز دور فعال في عملية التشکيل النحتي من حيث قدرته الفائقة على اختصار المساحات و الحجوم و اختصار الکتل و الفراغات فيه و بالتالي خفض التکلفة الکلية للعمل النحتي و ترشيد خامات التنفيذ و تقليل زمنه , کما أنه من حيث المفهوم فإن الرمز يرسخ و يؤکد الدلالات المختلفة للعمل النحتي في تعبير بصري محدود يوجه للمتلقي عدد من الرسائل التي تحمل مضامين و قيم تعينه على فهم طبيعة العمل و المکان الحاوي له و توجهاته المختلفة.
و في الأونة الاخيرة تم تسليط الضوء الإعلامي محلياً على امثلة مختلفة لأعمال نحت ميداني فقيرة في تعبيرها الفني و في الرسالة التي تؤديها للمتلقي کما تفتقر إلى القيم التعبيرية و التشکيلية و تنم عن حاجة ماسة إلى المعرفة بالقيم و المعتقدات الثقافية و الفکرية و البيئية .