استخدم مصطلح ما بعد الحداثة في نهايات القرن التاسع عشر، ولکن السمات الفکرية المعاصرة بدأت في التشکل في القرن العشرين، لتؤسس لنظريات جمالية ونقدية مختلفة تثري الصورة السينمائية للأعمال الفنية الفيلمية، يتناول البحث أهم هذه النظريات الجمالية بالدراسة، فيتعرض إلى البنيوية ودراسة الإشارات والرموز، والظاهراتية التي تهتم بالصورة السينمائية کظاهرة شعورية وعقلية معاً، ونظرية التلقي التي تضع الأسس الاجتماعية التجريبية لقياس مدى تفاعل المشاهد مع الصورة السينمائية المعروضة لإشراکه في العملية الفنية إبداعياً، وأخيراً التفکيکية التي تولد عنها مناقشة الوسيط السينمائي نفسه، والالتفات إلى خصوصية النص وتناقضاته أحياناً، بشکل يجعل الصورة السينمائية واعية بذاتها لدرجة لم تکن مسبوقة.
کما يستعرض البحث بعد ذلک تأثير هذه النظريات على الحرکات السينمائية فيما بعد الحداثة، کسينما النوع المعاصرة التي تتخذ من التناص والمعارضة الفنية أساليب لمزج الأنواع والوصول إلى مزيج مبتکر من الصورة السينمائية الأصيلة ومن التواصل الفعال مع المشاهد، والسينما النسوية، والإثنوجرافية، وسينما ما بعد الاستعمار التي تولي للجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية للصورة اهتماماً خاصاً، وأيضاً سينما (دوجما 95) التي تضع الأولوية للاختزال التشکيلي والفني للصورة، وتيار السينما الفائقة الذي يطمح لتغيير حالة المشاهد الذهنية عن طريق دفعه للتأمل أثناء عرض الفيلم نفسه، وبهذا يهدف البحث إلى إلقاء الضوء على أهم الحرکات المؤثرة في الصورة السينمائية بشکلها المعاصر، والتي بالضرورة تؤثر على عمل فنان الصورة من الناحية الابتکارية والابداعية.
ويهدف البحث إلى إبراز أهمية دراسة الروابط بين النظريات الفنية والجمالية المختلفة وبين التصوير السينمائي، حيث يتأثر کل منهما ويتطور بتطور الآخر، وأيضاً دراسة القيم الجمالية الفنية المتجددة للصورة السينمائية وذلک للخروج عن الصيغ المألوفة والتقليدية للصورة السينمائية والوصول إلى معالجات فنية مبتکرة.